الفصل الأوّل
في إثبات الوجود الواجبيّ
البراهين الدالّة على وجوده تعالى كثيرة (١) متكاثرة (٢). وأوثقها وأمتنها هو البرهان المتضمّن للسلوك إليه من ناحية الوجود (٣) وقد سمّوه «برهان
__________________
(١) منها : برهان الحركة وبرهان الحدوث وبرهان الإمكان وبرهان النظم وغيرها. وإليه يلوح قوله تعالى : ﴿سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ﴾.
(٢) مبالغة في الكثرة وتلميح إلى قولهم : «الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق». وإن شئت تفصيلها فراجع الأسفار ٦ : ١٢ ـ ٤٧ ، وشرح الهداية الأثيريّة لصدر المتألّهين : ٢٧٩ ـ ٢٨٣ ، والتعليقات للشيخ الرئيس : ٧٠ ، وشرح الإشارات ٣ : ٢٠ ـ ٣٠ و ٦٦ ـ ٦٧ ، والمبدأ والمعاد للشيخ الرئيس : ٢٢ ، وكشف المراد : ٢٨٠ ، وشرح المقاصد ٢ : ٥٧ ـ ٦٠ ، وشرح المواقف : ٤٦٥ ـ ٤٧٠ ، ورسالة إثبات الواجب للمحقّق الدوانيّ ، وغيرها من المطوّلات.
(٣) هذا مذهب الحكماء الإلهيّين ، كما نسبه إليهم الشيخ الرئيس في رسالة الفصول حيث قال ـ بعد التعرّض لمسلك الطبيعيّين ـ : «والإلهيّون سلكوا غير هذا المسلك وتوصّلوا إلى إثباته من وجوب الوجود» انتهى كلامه في رسالة الفصول على ما نقل في شوارق الإلهام : ٤٩٥.
ومن هنا يظهر ضعف كلام من زعم أنّ الشيخ أوّل من سلك هذا المنهج ، فإنّ كلامه في رسالة الفصول صريح في أنّه تبع غيره من الإلهيّين. نعم ، أنّه أوّل من وسم الحكماء الإلهيّين بالصدّيقين ، كما قال المحقّق الطوسيّ : «ولمّا كان طريقة قومه أصدق الوجهين وسمهم بالصدّيقين ، فإنّ الصدّيق هو ملازم الصدق». راجع شرح الإشارات ٣ : ٦٧.
وقال الحكيم السبزواريّ : «أشرف الطرق وأوثقها طريقة الحكماء الإلهيّين ، بل المتألّهين ـ