الفصل الحادي عشر
في العلم الحضوريّ
وأنّه لا يختصّ بعلم الشيء بنفسه
قد تقدّم (١) أنّ كلّ جوهر مجرّد فهو لتمام ذاته حاضر لنفسه بنفسه وهويّته الخارجيّة ، فهو عالم بنفسه علما حضوريّا.
وهل يختصّ العلم الحضوريّ بعلم الشيء بنفسه أو يعمّه وعلم العلّة بمعلولها وعلم المعلول بعلّته؟ ذهب المشّاؤون (٢) إلى الأوّل (٣) ، والإشراقيّون إلى
__________________
(١) لا يخفى أنّه لم يقدّم في هذا الكتاب ، بل إنّما أشار إليه في الفصل الخامس عشر من المرحلة السادسة.
(٢) ومنهم الشيخان الفارابي وابن سينا ، وبهمنيار ، وأبو العباس اللوكريّ ، كما في الأسفار ٦ : ١٨٠.
(٣) راجع التحصيل : ٥٧٤ ـ ٥٧٥ ، وشرح الإشارات ٣ : ٣٠٤. ونسبه إليهم صدر المتألّهين في الأسفار ٦ : ١٨٠ ، والشواهد الربوبيّة : ٣٩.
وأمّا انتساب هذا القول إلى أفلاطون أمر خلاف الواقع ، كما في الشواهد الربوبيّة : ٥٥ ـ ٥٦. والحكيم السبزواريّ ـ بعد نسبته إيّاه إليهم في تعليقاته على الأسفار ٦ : ١٦٤ ـ ذهب في موضعين من تعليقاته على الأسفار ٦ : ١٦٠ و ٢٣٠ إلى أنّ العلم الحضوريّ منحصر في موردين : علم الشيء بنفسه وعلم الشيء بمعلوله. وذهب في موضع آخر من تعليقاته على الأسفار ٣ : ٣٨٨ إلى أنّ للعلم الحضوري ثلاثة موارد : علم الشيء بنفسه ، علمه بمعلوله ، وعلمه بما هو فان فيه.