الفصل الحادي والعشرون
في عالم المثال
ويسمّى أيضا «البرزخ» لتوسّطه بين العالم العقليّ وعالم المادّة والطبيعة. وهو ـ كما ظهر ممّا تقدّم (١) ـ مرتبة من الوجود مجرّدة عن المادّة دون آثارها من الكمّ والكيف والوضع ونحوها من الأعراض ، والعلّة الموجدة له هو آخر العقول الطوليّة المسمّى «عقلا فعّالا» عند المشّائين (٢) و «بعض العقول العرضيّة» عند الإشراقيّين (٣).
وفيه أمثلة الصور الجوهريّة الّتي هي جهات الكثرة في العقل المفيض لهذا العالم المتمثّل بعضها لبعض بهيئات مختلفة ، من غير أن يفسد اختلاف الهيئات الوحدة الشخصيّة الّتي لجوهره. مثال ذلك : أنّ جمعا كثيرا من أفراد الإنسان ـ مثلا ـ يتصوّرون بعض من لم يروه من الماضين ، وإنّما سمعوا اسمه وشيئا من
__________________
(١) راجع الفصل الثالث من المرحلة الحادية عشرة ، والفصل السابع عشر والتاسع عشر من هذه المرحلة.
(٢) راجع إلهيّات الشفاء : الفصل الرابع والخامس من المقالة التاسعة ، والنجاة : ٢٧٣ ـ ٢٧٨ ، والمبدأ والمعاد للشيخ الرئيس : ٧٥ ـ ٨٢.
(٣) راجع حكمة الإشراق : ١٤٣ ـ ١٤٤ ، والمطارحات : ٤٥٥ ـ ٤٥٩.