الفصل العشرون

في العالم العقليّ ونظامه

وكيفيّة حصول الكثرة فيه

قد تحقّق في مباحث العلّة والمعلول أنّ الواحد لا يصدر عنه إلّا الواحد (١). ولمّا كان الواجب تعالى واحدا بسيطا من كلّ وجه ـ لا تتسرّب إليه جهة كثرة ، لا عقليّة ولا خارجيّة ـ واجدا لكلّ كمال وجوديّ وجدانا تفصيليّا في عين الإجمال ، لا يفيض إلّا وجودا واحدا بسيطا ، له كلّ كمال وجوديّ ، لمكان المسانخة بين العلّة والمعلول ، له (٢) الفعليّة التامّة من كلّ جهة والتنزّه عن القوّة والاستعداد.

غير أنّه وجود ظلّيّ للوجود الواجبيّ ، فقير إليه ، متقوّم به ، غير مستقلّ دونه ، فيلزمه النقص الذاتيّ والمحدوديّة الإمكانيّة الّتي تتعيّن بها مرتبته في الوجود ، ويلزمه الماهيّة الإمكانيّة (٣). والموجود ـ الّذي هذه صفته (٤) ـ عقل مجرّد ذاتا

__________________

(١) راجع الفصل الرابع من المرحلة الثامنة.

(٢) أي : للوجود المفاض الواحد البسيط.

(٣) قوله : «ويلزمه الماهيّة الإمكانيّة» مستدرك ، فإنّ المحدوديّة الإمكانيّة ليست إلّا الماهيّة الإمكانيّة. ثمّ إنّ «الإمكانيّة» قيد توضيحيّ ، فإنّ الماهيّة تساوق الإمكان.

(٤) وفي النسخ : «الّذي هذه صفتها» والصحيح ما أثبتناه.

۳۳۶۱