الفصل الخامس

في استحالة الدور والتسلسل في العلل

أمّا الدور فهو توقّف وجود الشيء على ما يتوقّف وجوده عليه ، إمّا بلا واسطة كتوقّف (أ) على (ب) وتوقّف (ب) على (أ) ويسمّي : «دورا مصرّحا» ، وإمّا مع الواسطة كتوقّف (أ) على (ب) و (ب) على (ج) و (ج) على (أ) ويسمّى : «دورا مضمرا».

واستحالته قريبة من البداهة ، فإنّه يستلزم تقدّم الشيء على نفسه بالوجود ، وهو ضروريّ الاستحالة (١).

وأمّا التسلسل فهو ترتّب شيء موجود على شيء آخر موجود معه بالفعل ، وترتّب الثاني على ثالث كذلك ، والثالث على رابع ، وهكذا إلى غير النهاية. سواء كان ذهاب السلسلة كذلك من الجانبين بأن يكون قبل كلّ قبل قبل وبعد كلّ بعد بعد ؛ أو من جانب واحد. لكنّ الشرط على أيّ حال أن يكون لأجزاء السلسلة وجود بالفعل وأن تكون مجتمعة في الوجود وأن يكون بينها ترتّب. والتسلسل في العلل ترتّب معلول على علّة وترتّب علّته على علّة وعلّة علّته على علّة ، وهكذا

__________________

(١) فإنّ تقدّم الشيء على نفسه مستلزم لتخلّل العدم بين الشيء ونفسه ، وهو ضروريّ الاستحالة.

۳۳۶۱