الفصل الرابع

ينقسم العلم الحصوليّ إلى كلّيّ وجزئيّ بمعنى آخر

فالكلّيّ هو العلم الّذي لا يتغيّر بتغيّر المعلوم الخارجيّ ، كصورة البناء الّتي يتصوّرها البنّاء فيبني عليها ، فإنّها على حالها قبل البناء ومع البناء وبعد البناء وإن انعدم ، ويسمّى : «علم ما قبل الكثرة» (١). والعلم من طريق العلل كلّيّ من هذا القبيل ، كعلم المنجّم بأنّ القمر منخسف يوم كذا ساعة كذا إلى ساعة كذا يرجع فيه الوضع السماويّ بحيث يوجب حيلولة الأرض بين القمر والشمس ، فعلمه بذلك على حاله قبل الخسوف ومعه وبعده. والوجه فيه أنّ العلّة التامّة في علّيّتها لا تتغيّر عمّا هي عليه ، ولمّا كان العلم بها مطابقا للمعلوم فصورتها العلميّة غير متغيّرة ، وكذلك العلم بمعلولها لا يتغيّر ، فهو كلّيّ ثابت. ومن هنا يظهر أنّ العلم الحسّيّ لا يكون كلّيّا ، لكون المحسوسات متغيّرة.

والجزئيّ هو العلم الّذي يتغيّر بتغيّر المعلوم الخارجيّ ، كعلمنا من طريق

__________________

(١) والوجه في تسميته بذلك أنّ هذا العلم موجود قبل حدوث المعلوم الخارجيّ ولا يتغيّر بتغيّره.

۳۳۶۱