الفصل الثالث عشر

في قدرته تعالى

إنّ من المعاني الّتي نعدّها من الكمالات الوجوديّة القدرة. ولا تكون إلّا في الفعل دون الانفعال ، فلا نعدّ انفعال الشيء عن غيره ـ شديدا كان أو ضعيفا ـ قدرة ، ولا في كلّ فعل ، بل في الفعل الّذي لفاعله علم به ، فلا نسمّي مبدئيّة الفواعل الطبيعيّة العادمة للشهور قدرة لها ، ولا في كلّ فعل لفاعله علم به ، بل في الفعل العلميّ الّذي يبعث العلم به فاعله على الفعل ، فليست مبدئيّة الإنسان ـ مثلا ـ لأفعاله الطبيعيّة البدنيّة قدرة ، وإن كان له علم بها ، بل الفعل الّذي يعلم الفاعل أنّه خير له من حيث إنّه هذا الفاعل بأن يتصوّره ويصدّق أنّه خير له من حيث إنّه هذا الفاعل.

ولازم العلم بكون الفعل خيرا للفاعل أن يكون كمالا له يقتضيه بنفسه ، فإنّ خير كلّ نوع هو الكمال المترتّب عليه ، والطبيعة النوعيّة هي المبدأ المقتضي له ، وإذا فرض أنّه عالم بكونه خيرا له وكمالا يقتضيه انبعث الفاعل إليه بذاته.

لا بإيجاب مقتض غيره وتحميله عليه ، فلا قدرة مع الإجبار ، والقادر مختار ، بمعنى أنّ الفعل إنّما يتعيّن له بتعيين منه (١) ، لا بتعيين من غيره.

__________________

(١) أي : بتعيين من نفسه ، بأن يقتضيه ذاته.

۳۳۶۱