الفصل الثاني

في بعض آخر ممّا اقيم على وجود

الواجب تعالى من البراهين

من البراهين عليه (١) أنّه لا ريب أنّ هناك موجودا مّا ، فإن كان هو أو شيء منه واجبا بالذات فهو المطلوب ، وإن لم يكن واجبا بالذات ـ وهو موجود ـ فهو ممكن بالذات بالضرورة ، فرجّح وجوده على عدمه بأمر خارج من ذاته وهو العلّة ، وإلّا كان مرجّحا بنفسه فكان واجبا بالذات وقد فرض ممكنا ، وهذا خلف.

__________________

(١) هذا هو البرهان المنسوب إلى الإلهيّين. وهو نفس برهان الصدّيقين الّذي ذكره الشيخ الرئيس في الإشارات ، وتمسّك به المحقّق الطوسيّ ، وتبعه العلّامة الحلّيّ ، راجع كشف المراد : ٢٨٠ ، وشوارق الإلهام : ٤٩٤ ـ ٥٠٠ ، وشرح القوشجيّ : ٢١٠ ، والنافع يوم الحشر : ٨ ـ ٩ ، ومفتاح الباب ٨٣ ـ ٩٧.

والفرق بينه وبين البرهان السابق المنسوب إلى المتألّهين هو ما ذكره الحكيم السبزواريّ في شرح دعاء الصباح : ٢٦ من أنّ المتألّهين ناظرون إلى حقيقة الوجود والإلهيّون ناظرون إلى مفهوم الوجود.

وحاصل البرهان : أنّ النظر إلى مفهوم الوجود يعطي أنّه لا يمكن تحقّقه إلّا بالواجب ، فإنّ الموجود لا يمكن أن ينحصر في الممكن ، وإلّا لم يتحقّق موجود أصلا ، لأنّه على هذا التقدير إمّا تحقّق بنفسه وهو محال أو بغيره ، وذلك الغير إمّا يكون ممكنا فيلزم إمّا الدور أو التسلسل وكلاهما محال ، وإمّا يكون واجبا فثبت المطلوب.

۳۳۶۱