الفصل الخامس
في أنواع التعقّل
ذكروا (١) أنّ العقل على ثلاثة أنواع :
أحدها : أن يكون عقلا بالقوّة ، أي لا يكون شيئا من المعقولات بالفعل (٢) ولا له شيء من المعقولات بالفعل ، لخلوّه عن عامّة المعقولات.
الثاني : أن يعقل معقولا واحدا أو معقولات كثيرة بالفعل ، مميّزا بعضها من بعض ، مرتّبا لها ، وهو العقل التفصيليّ.
الثالث : أن يعقل معقولات كثيرة عقلا بالفعل من غير أن يتميّز بعضها من بعض ، وإنّما هو عقل بسيط إجماليّ فيه كلّ التفاصيل. ومثّلوا له بما إذا سألك سائل عن عدّة من المسائل الّتي لك بها علم ، فحضرك الجواب في الوقت وأنت في أوّل لحظة تأخذ في الجواب تعلم بها جميعا علما يقينيّا بالفعل ، لكن لا تميّز لبعضها من بعض ولا تفصيل. وإنّما يحصل التميّز والتفصيل بالجواب ، كأنّ ما عندك من بسيط العلم منبع تنبع وتجري منه التفاصيل. ويسمّى : «عقلا إجماليّا».
__________________
(١) راجع الفصل السادس من المقالة الخامسة من الفنّ السادس من طبيعيّات الشفاء ، والتحصيل : ٨١٢ ـ ٨١٤. وتعرّض لها أيضا الفخر الرازيّ ثمّ ناقش في القسم الأخير ، راجع المباحث المشرقيّة ١ : ٣٣٥ ـ ٣٣٧.
(٢) حتّى تعقّله لنفسه ، فإنّه أيضا بالقوّة.