الفصل الثاني عشر

كلّ مجرّد فإنّه عقل وعاقل ومعقول

أمّا أنّه عقل فلأنّه ـ لتمام ذاته وكونه فعليّة محضة لا قوّة معها ـ يمكن أن يوجد ويحضر لشيء بالإمكان ، وكلّ ما كان للمجرّد بالإمكان فهو له بالفعل ، فهو معقول بالفعل. وإذ كان العقل متّحدا مع المعقول فهو عقل (١). وإذ كانت ذاته موجودة لذاته فهو عاقل لذاته. فكلّ مجرّد عقل وعاقل ومعقول. وإن شئت فقل : إنّ العقل والعاقل والمعقول مفاهيم ثلاثة منتزعة من وجود واحد.

والبرهان المذكور آنفا كما يجري في كون كلّ مجرّد عقلا وعاقلا ومعقولا لنفسه يجري في كونه عقلا ومعقولا لغيره.

__________________

(١) هذا البرهان مركّب من قياسات أربعة مترتّبة :

ألف) هذا مجرّد ، وكلّ مجرّد بما هو مجرّد يكون أمرا بالفعل ، فهذا المجرّد يكون أمرا بالفعل.

ب) ثمّ نجعل النتيجة صغرى قياس آخر ، فيقال : هذا المجرّد يكون أمرا بالفعل ، وكلّ ما يكون بالفعل يمكن أن يكون معلوما ، فهذا المجرّد يمكن أن يكون معلوما.

ج) ثمّ نجعل النتيجة صغرى قياس آخر ، فيقال : هذا المجرّد يمكن أن يكون معلوما ، وكلّ ما كان للمجرّد بالإمكان فهو له بالفعل ، فهذا المجرّد معلوم بالفعل.

د) ثمّ نجعل النتيجة صغرى قياس آخر ، فيقال : هذا المجرّد معلوم بالفعل ، وكلّ علم متّحد مع معلومه ، فهذا المجرّد المعلوم متّحد مع العلم.

۳۳۶۱