وقد قرّر الاستدلال عليها صدر المتألّهين قدسسره (١) بأنّ الممكن الأخسّ إذا وجد عن البارئ جلّ ذكره وجب أن يكون الممكن الأشرف قد وجد قبله ، وإلّا فإن جاز أن يوجد معه (٢) وجب أن يصدر (٣) عن الواجب لذاته في مرتبة واحدة لذات واحدة من جهة واحدة شيئان (٤) وهو محال (٥) وإن جاز أن يوجد بعد الأخسّ وبواسطته (٦) لزم كون المعلول أشرف من علّته وأقدم ، وهو محال وإن لم يجز أن يوجد لا قبل الأخسّ ولا معه ولا بعده مع أنّه ممكن بالإمكان الوقوعيّ الّذي هو كون الشيء بحيث لا يلزم من فرض وقوعه محال ، فلو فرض وجوده وليس بصادر عن الواجب لذاته ولا عن شيء من معلولاته وهو على إمكانه ، فبالضرورة وجوده يستدعي جهة مقتضية له أشرف ممّا عليه الواجب لذاته ، فيلزم أن يكون الممكن المفروض يستدعي بإمكانه علّة موجدة أعلى وأشرف من الواجب لذاته ، وهو محال ، لأنّ الواجب لذاته فوق ما لا يتناهى بما لا يتناهى شدّة ، فالمطلوب ثابت (٧).
ويمكن الاستدلال بما هو أوضح من ذلك ، فإنّ الشرافة والخسّة المذكورتين
__________________
ـ والألواح العمادية : ١٤٩ ، والهياكل النوريّة : ١٠١ ـ ١٠٤ ، وپرتونامه : ٤٥ ـ ٤٦ ، ويزدان شناخت : ٤١٣ ـ ٤١٨.
وهذه القاعدة حقّقها أيضا السيّد الداماد في القبسات : ٣٧٢ ـ ٣٨٠ ، وصدر المتألّهين في الأسفار ٧ : ٢٤٤ ـ ٤٥٨.
(١) في الأسفار ٧ : ٢٤٥ ـ ٢٤٦.
(٢) أي : مع الممكن الأخسّ.
(٣) كذا في الأسفار ، وهو الصحيح ، بخلاف ما في النسخ : «أن يوجد».
(٤) أحدهما الأخسّ والآخر الأشرف.
(٥) لقاعدة الواحد لا يصدر منه إلّا الواحد.
(٦) وفي النسخ : «بواسطة» والصحيح ما أثبتناه.
(٧) هذا الدليل أقامه الشيخ الإشراقيّ في حكمة الإشراق : ١٥٤. وقرّره العلّامة الشيرازيّ في شرح حكمة الإشراق : ٣٦٧ ـ ٣٦٨. واعترض عليه المحقّق الدوانيّ في شرح الهياكل النوريّة : ٢١٤. ثمّ تصدّى صدر المتألّهين لدفعه في الأسفار ٧ : ٢٥١ ـ ٢٥٣ ، وحاشية شرح حكمه الإشراق : ٣٦٧.