في ذلك إليه تعالى ، فلا يقع إلّا ما قدّره. وهذا قريب المعنى من قولهم : «علّة علّة الشيء علّة لذلك الشيء».
كما أنّ غرضهم من بحث القضاء بيان أنّ الممكن لا يقع إلّا بوجوب غيريّ ينتهي إليه تعالى في علم سابق (١) ، وهو قريب المعنى من قولهم : «الشيء ما لم يجب لم يوجد».
__________________
(١) إعلم أنّهم اختلفوا في الفرق بين القضاء والقدر :
فقال السيّد الداماد : «القضاء نسبة فاعليّة البارئ الحقّ سبحانه على حسب علمه وعنايته إلى الإنسان الكبير في مرتبة شخصيّته الوحدانيّة الجمليّة. والقدر نسبة فاعليّته سبحانه إلى هذا الانسان الكبير في مرتبة تشريح أعضائه وتفصيل أخلاطه وأركانه وأرواحه وقواه بحسب تأدية الأسباب المترتّبة المتأدّية إلى خصوصيّات تفاصيلها». القبسات : ٤١٨.
وقال الحكيم السبزواريّ : «الصور الكلّيّة القائمة بالعقل كانت قضاء. وكذلك الصور الجزئيّة القائمة بالنفس الجزئيّة المنطبعة الفلكيّة قدرا». شرح المنظومة (قسم الحكمة) : ١٧٧.
ويستفاد من كلام المصنّف رحمهالله في المقام وكلامه في تعليقته على الأسفار ٦ : ٢٩٢ أنّ الفرق بينهما من جهات ثلاث :
الاولى : أنّ القضاء هو العلم بالنسبة الوجوبيّة للشيء إلى فاعله التامّ ، والقدر هو العلم بنسبته الإمكانيّة إلى بعض أجزاء العلّة التامّة.
الثانية : أنّ موطن القدر هو عالم المادّة الّذي تتكثّر فيه العلل وتتعاون وتتزاحم ، بخلاف القضاء حيث عمّموه إلى المجرّدات أيضا.
الثالثة : أنّ القضاء لا يتغيّر ، بخلاف القدر ، فإنّه يتغيّر وربما يتخلّف عن مقتضاه.