واحد بالوحدة الحقّة ؛ فليس في ذاته تعدّد جهة ولا تغاير حيثيّة ؛ فكلّ كمال وجوديّ مفروض فيه عين ذاته وعين الكمال الآخر المفروض له ؛ فالصفات الذاتية الّتي للواجب بالذات كثيرة مختلفة مفهوما ، واحدة عينا ومصداقا ، وهو المطلوب (١).

__________________

(١) واستدلّوا عليه بوجوه كثيرة ، ولا بأس بالإشارة إلى بعضها ملخّصا :

الأوّل : ما أشار إليه الحكيم السبزواريّ في شرح المنظومة : ١٥٩ بقوله : «إذ ذاته مطابق للحمل». وحاصله : أنّه تعالى لو كان معروضا للكمال بأن كان ذاته شيئا وكماله العارض عليه شيئا آخر مغايرا معه لكان في مرتبة ذاته خاليا عن الكمال ، وحينئذ إمّا يكون مصداقا لما يقابل الكمال أو يكون خاليا عنه أيضا ، فعلى الأوّل يلزم منه أن يكون في مرتبة ذاته عين الجهل ـ مثلا ـ المقابل للعلم ، وهذا ـ مضافا إلى كونه محالا في نفسه ـ يستلزم امتناع عرض الكمالات عليه في المرتبة المتأخّرة عن ذاته ، وإلّا يلزم الانقلاب الذاتي ، وهو محال بالضرورة. وعلى الثاني كان الخلوّ إمكانا ، والإمكان إمّا ذاتيّ موضوعه الماهيّة وإمّا استعداديّ حامله المادّة ، ولمّا لم يكن للواجب ماهيّة ولا مادّة فلا يتصوّر أن يكون الكمال ممكنا له.

الثاني : أنّه لو كانت صفاته تعالى زائدة على ذاته فإمّا أن تكون قديمة أو تكون حادثة.

فالأوّل يستلزم تعدّد القدماء وتنفيه براهين التوحيد ، والثاني يستلزم كونه محلّا للحوادث وهو محال.

الثالث : أنّه لو كانت صفاته تعالى زائدة على ذاته يلزم منه أن يكون الواجب تعالى في مرتبة ذاته عاريا عن الكمال ، والعراء عن الكمال نقص ، وكلّ ناقص يحتاج إلى غيره ، فيلزم منه أن يكون الواجب تعالى محتاجا ، وهو محال.

ويدلّ على المطلوب أيضا كثير من الروايات المنقولة عن الأئمّة الأطهار عليهم‌السلام :

منها : ما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «لم يزل الله عزوجل ربّنا والعلم ذاته ولا معلوم ، والسمع ذاته ولا مسموع ، والبصر ذاته ولا مبصر ، والقدرة ذاته ولا مقدور ، فلمّا أحدث الأشياء وكان المعلول وقع العلم منه على المعلوم والسمع على المسموع والبصر على المبصر والقدرة على المقدور». اصول الكافي ١ : ١٤٣.

ومنها : ما روي عن الإمام الباقر عليه‌السلام : «أنّه سميع بصير ، يسمع بما يبصر ، ويبصر بما يسمع». اصول الكافي ١ : ١٤٧.

ومنها : ما عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «هو سميع بصير ، سميع بغير جارحة ، وبصير بغير آلة ، بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه». اصول الكافي ١ : ١٤٧.

ومنها : ما عن أمير المؤمنين الإمام عليّ عليه‌السلام في خطبته المشهورة : «أوّل الدين معرفته ، ـ

۳۳۶۱