وهي (١) أنّ من مصاديقه وجود علّة غير معلولة يجب وجودها لذاتها (٢).
فقد تبيّن بذلك أنّ البيان المذكور برهان إنّيّ مفيد لليقين كسائر البراهين الموضوعة في الفلسفة لبيان خواصّ الموجود من حيث هو موجود المساوية للموجود العامّ.
تنبيه :
محصّل البيان السابق أنّ تحقّق موجود مّا ملازم لترجّح وجوده إمّا لذاته فيكون واجبا بالذات ، أو لغيره وينتهي إلى ما ترجّح بذاته ، وإلّا دار أو تسلسل وهما مستحيلان.
ويمكن تبديل ترجّح الوجود بوجوب الوجود ، فيكون سلوكا إنّيّا من مسلك آخر. تقريره : أنّه لا ريب أنّ هناك موجودا مّا ، وكلّ موجود فإنّه واجب ، لأنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد ، فإن كان هو أو شيء منه واجبا لذاته فهو المطلوب ، وإن كان واجبا لغيره ـ وهو علّته الموجودة الواجبة ـ فعلّته (٣) إمّا واجبة لذاتها فهو ، وإمّا واجبة لغيرها ، فننقل الكلام إلى علّة علّته ، وهلمّ جرا ، فإمّا أن يدور أو يتسلسل أو ينتهي إلى واجب لذاته ، والشقّان الأوّلان مستحيلان ، والثالث هو المطلوب.
برهان آخر ، أقامه الطبيعيّون من طريق الحركة والتغيّر (٤). تقريره : أنّه قد ثبت فيما تقدّم ـ في مباحث القوّة والفعل (٥) ـ أنّ المحرّك غير المتحرّك ، فلكلّ متحرّك
__________________
(١) وفي النسخ : «وهو» والصحيح ما أثبتناه.
(٢) وقال الحكيم السبزواريّ ـ تعليقا على الأسفار ٦ : ٢٨ ـ : «هذه الحال كون الموجود إمّا واجبا وإمّا ممكنات متسلسلة وإمّا ممكنات دائرة وإمّا ممكنات مترجّحة الوجود من جهة ماهيّاتها على حال اخرى هي كون بعض منه واجبا وبعض آخر منه ممكنا على البتّ واليقين».
(٣) وفي النسخ : «فعليّته» والصحيح ما أثبتناه.
(٤) نسب إليهم في المباحث المشرقيّة ٢ : ٤٥١ ، وشوارق الإلهام : ٤٥٩ ، وشرح الإشارات ٣ : ٦٦ ، والأسفار ٦ : ٤٢.
(٥) راجع الفصل العاشر من المرحلة التاسعة.