ودفع الإشكال بعضهم (١) بأنّ الزمان حقيقة منتزعة من ذات الواجب تعالى من حيث بقائه.
وردّ (٢) بأنّ لازمه التغيّر في ذات الواجب تعالى وتقدّس ، فإنّ المنتزع عين المنتزع منه ، وكون الزمان متغيّرا بالذات ضروريّ.
واجيب عنه (٣) بأنّ من الجائز أن يخالف المنتزع المنتزع منه بعدم المطابقة.
وهو مردود بأنّ تجويز المغايرة بين المنتزع والمنتزع منه من السفسطة ، ويبطل معه العلم من رأس. على أنّ فيه اعترافا ببطلان أصل الدعوى (٤).
وأمّا قول القائل (٥) بجواز أن يختار الفاعل المختار أحد الأمرين المتساويين دون الآخر لا لمرجّح يرجّحه ، وقد مثّلوا له (٦) بالهارب من السبع إذا عنّ له (٧) طريقان متساويان فإنّه يختار أحدهما لا لمرجّح (٨).
__________________
(١) أي بعض آخر من المتكلّمين. وهم القائلون بالزمان الموهوم الّذي لا فرد يحاذيه ، وإن كان منشأ لانتزاعه ، ويكون منشأ انتزاعه هو بقاء الواجب بالذات. وهذا القول تعرّض له الحكيم السبزواريّ في تعليقته على شرح المنظومة : ٨٢ ، وتعليقته على الأسفار ٣ : ١٤٢ ، ونسبه إلى الأشاعرة في حاشية شرح المنظومة : ١٤٨. وتعرّض له أيضا آقا عليّ المدرّس فيما علّق على قول اللاهيجيّ في شوارق الإلهام : «فالحدوث الزمانيّ» ، راجع شوارق الإلهام : ١٠٤ ، ط مكتبة الفارابيّ في طهران سنة ١٤٠١ من الهجرة.
(٢) كما ردّه الحكيم السبزواريّ في تعليقته على شرح المنظومة : ٨٢ ، وتعليقته على الأسفار ج ٣ : ١٤٢. وتبعه الآمليّ في درر الفوائد ١ : ٢٦١.
(٣) والمجيب هو المتكلّمون القائلون بالزمان الموهوم. راجع تعليقة المصنّف رحمهالله على الأسفار ٧ : ٢٩٨.
(٤) وذلك لأنّه لو كان الزمان أمرا انتزاعيّا فلا حقيقة له لكي يكون العالم مسبوقا بالعدم الزمانيّ حقيقة ، فلا يكون العالم حادثا زمانيّا ، والحدوث الزمانيّ أصل دعواهم.
(٥) والقائل بعض الأشاعرة كما مرّ.
(٦) راجع شرح المواقف : ٢٩٠ ، ومثّلوا له أيضا بقدحي العطشان ورغيفي الجائع.
(٧) أي : ظهر أمامه.
(٨) والحاصل : أنّ الترجيح بلا مرجّح جائز ، وإن كان الترجّح بلا مرجّح محال.