أفعاله تعالى تابعة للمصالح وإن كنّا غير عالمين بها ، فما كان منها ذا مصلحة في وقت تفوت لو لم يفعله في ذلك الوقت فعله في ذلك الوقت دون غيره (١).

قلت : معنى كونه تعالى فاعلا مختارا أنّه ليس وراءه تعالى شيء يجبره على فعل أو ترك فيوجبه عليه ، فإنّ الشيء المفروض إمّا معلول له وإمّا غير معلول ، والثاني محال ، لأنّه [إمّا] واجب آخر ، أو فعل لواجب آخر ، وأدلّة التوحيد تبطله ، والأوّل أيضا محال ، لاستلزامه تأثير المعلول بوجوده القائم بالعلّة المتأخّر عنها في وجود علّته الّتي يستفيض عنها الوجود. فكون الواجب تعالى مختارا في فعله لا ينافي إيجابه الفعل الصادر عن نفسه ولا ايجابه الفعل ينافي كونه مختارا فيه.

وأمّا حدوث العالم ـ بمعنى ما سوى الواجب ـ حدوثا زمانيّا فمعنى حدوث العالم حدوثا زمانيّا كونه مسبوقا بقطعة من الزمان خالية من العالم ليس معها إلّا الواجب تعالى ، ولا خبر عن العالم بعد ، والحال أنّ طبيعة الزمان طبيعة كمّية ممكنة موجودة معلولة للواجب تعالى ومن فعله ، فهو من العالم. ولا معنى لكون العالم ـ وفيه الزمان ـ حادثا زمانيّا مسبوقا بعدم زمانيّ ولا قبل زمانيّا خارجا من الزمان.

وقد استشعر بعضهم (٢) بالإشكال ، فدفعه بدعوى أنّ الزمان أمر اعتباريّ وهميّ غير موجود.

وهو مردود بأنّ دعوى كونه اعتباريّا وهميّا اعتراف بعدم الحدوث الزمانيّ حقيقة.

__________________

(١) وفي المقام قول آخر منسوب إلى أبي القاسم البلخيّ المعروف بالكعبيّ ، وهو القول بأنّ مخصّص الحدوث ذات الوقت على سبيل الوجوب. راجع شرح الإشارات ٣ : ١٣١ ، وشرح المنظومة : ٨٥ ، والأسفار ٦ : ٣٢٥.

(٢) أي بعض المتكلّمين. وهم القائلون بالزمان المتوهّم الّذي لا فرد يحاذيه ولا منشأ لانتزاعه. وتعرّض لهذا القول الحكيم السبزواريّ في شرح المنظومة وتعليقته عليه : ٨٢ ، وتعليقته على الأسفار ٣ : ١٤٢.

۳۳۶۱