استبرأ لدينه ) (١). وهي لم يبين فيها كبرى وجوب الاستبراء ومجرد الدلالة على ان اتقاء الشبهة استبراء للدين لا يقتضي ذلك.
ومنها ـ ما رواه ابن الشيخ الطوسي في أماليه عن الرضا عليهالسلام يقول : ( ان أمير المؤمنين قال لكميل بن زياد فيما قال ) أخوك دينك فاحتط لدينك بما شئت ) (٢). والأمر فيها بقرينة التعليق في الذيل على مشيئة المكلف نفسه لا يفهم منه أكثر من الرجحان أو الاستحباب ، إذ لا معنى لتعلق الواجب أو مقداره إلى مشيئة المكلف نفسه ، بل سياق الحديث من تشبيه الدين بالأخ ومعنى الاحتياط الّذي يعني وضع الحائط للحفظ والعناية بنفسه يدل على ان المراد من الأمر الحث والترغيب على مزيد الرعاية وحفظ الدين لكونه عزيزا وجديرا بمزيد الرعاية والحفظ لأحكامه وحدوده وعدم تجاوزها وهذا معنى لطيف دقيق ولكنه أجنبي عن مسألة الاحتياط في الشبهة البدوية وكأن مجرد التشابه اللفظي أوقع الأخباريون في هذا الوهم.
ومنها : ما ورد عن أبي عبد الله عليهالسلام ( أورع الناس من وقف عند الشبهة ) (٣). وهو أيضا لا يدل على وجوب التورع والتوقف عند الشبهة كما هو واضح. فهذه الطائفة لا دلالة فيها على الوجوب.
الطائفة الثانية ـ ما يستفاد منها لزوم الرجوع إلى الأئمة وتحكيم أقوالهم وعدم جواز الاستقلال عنهم واعتماد الرّأي والاستحسانات في استنباط الحكم الشرعي كما يفعل المخالفون وهذا أيضا لا خلاف فيه بين الأصولي والاخباري وانما الخلاف فيما حكم به الأئمة في الشبهة البدوية من الاحتياط أو الإباحة.
من هذه الروايات حديث ابن جابر ( والصحيح ان الله لم يكلفهم اجتهادا لأنه نصب لهم أدلة وأقام لهم أعلاما وأثبت عليهم الحجة فمحال ان يضطرهم إلى ما لا يطيقون بعد إرساله إليهم الرسل بتفصيل الحلال والحرام ) (٤). ومن قبيل خبر حمزة بن طيار ( انه عرض على أبي عبد الله عليهالسلام بعض خطب أبيه حتى إذا بلغ موضعا منها قال
__________________
(١) جامع أحاديث الشيعة ، الباب الثامن من أبواب المقدمات ، ح ٢٨.
(٢) نفس المصدر ، ح ٣٠.
(٣) المصدر السابق ، ح ٣٣.
(٤) المصدر السابق ، الباب السابع من أبواب المقدمات ، ح ٣٢.