الاحتياط كالبراءة العقلية على القول بها وفائدة مثل هذه البراءة تظهر في أمرين.
أحدهما ـ انها تحكم على أصالة الاشتغال العقلية لو لم يتم دليل على الاحتياط الشرعي.
والثاني ـ انها تكون مرجعا لو فرض تمامية أدلة الاحتياط في نفسها وتعارضت مع أدلة البراءة التي في مستواها لكونها محكومة لأدلة الاحتياط فتكون مرجعا فوقانيا بعد التعارض والتساقط.
والروايتان هما :
الأولى ـ ما رواه ثقة الإسلام في الكافي عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحجال عن ثعلبة بن ميمون عن عبد الأعلى بن أعين قال سألت أبا عبد الله عليهالسلام من لم يعرف شيئا هل عليه شيء؟ قال لا (١).
وتقريب الاستدلال بها مبني على ان تلحظ المعرفة طريقا إلى العمل لا بنحو المعنى الاسمي حيث تدل عندئذ على نفي المؤاخذة ـ على كل حال ـ على ترك العمل نتيجة عدم المعرفة ولا يبعد ظهورها في ذلك نتيجة ارتكازية لحاظ المعرفة على نحو الطريقية إلى العمل غالبا ولكن لا يستفاد منها أكثر من نفي ذلك في موارد ترتب عدم العمل على عدم المعرفة وهذا لا يكون الا مع عدم التعرف على الحكمين الواقعي والظاهري ـ أعني إيجاب الاحتياط ـ معا وإلا لم يترتب عدم العمل كما ان الرواية معتبرة سندا.
الثانية ـ رواية عبد الصمد الواردة في الحج وقد ورد فيها ( أي رجل ركب أمرا بجهالة فلا شيء عليه ) (٢) وعنوان الجهالة يصدق على عدم العلم التصديقي كما يصدق على الغفلة والجهالة التصورية وإطلاق الشيء المنفي يشمل العقاب والمؤاخذة كما في الرواية السابقة.
نعم يخرج منهما خصوص الجهل عن تقصير في الشبهات الحكمية كما لو ترك الفحص لما دل على ثبوت العقاب فيه وان كانتا من حيث نفي سائر الآثار والتبعات غير العقاب شاملتين له أيضا.
__________________
(١) أصول الكافي ، ج ١ ، كتاب التوحيد ، باب حجج الله على خلقه ، ح ٢.
(٢) وسائل الشيعة ، كتاب الحجج ، باب ٤٥ من أبواب تروك الإحرام ، ح ٣.