الصيغة الأولى ـ ما في صحيحة عبد الله بن سنان ( كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال أبدا حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه ) (١). وهي لا إشكال في دلالتها على أصالة الحل الا ان الكلام في شمولها للشبهة الحكمية ، ولا يبعد القول بعدم عمومها لها وذلك بقرينتين :

أولاهما ـ ظهور صدرها في ان مورد الحلية الشيء الّذي ينقسم إلى صنفين حلال وحرام ، ومنشأ الاشتباه والتردد هو هذا الانقسام كالجبن مثلا فيه المتخذ من الميتة فيكون حراما وفيه المتخذ من المذكى فيكون حلالا وهذا لا يصدق الا في الشبهات الموضوعية إذ الشبهة الحكمية فيها ترديد لا تصنيف ، نعم قد يؤخذ الجنس فيقال جنس المائع فيه حلال وهو الماء مثلا وفيه حرام وهو الخمر ويشك في العصير المغلي انه حرام أو حلال الا ان الشك هنا لم ينشأ عن التصنيف المذكور فسواء كان في الجنس حلال وحرام أو لا كان الشك المذكور حاصلا وقد يقال بوجود ذلك في الشبهة المفهومية فان اللفظ إذا تردد بين الأقل والأكثر مثلا الماء ينقسم إلى مطلق فيحل الوضوء به ومضاف فلا يحل فلو شك في ماء مفهوما انه مطلق أو مضاف كان التصنيف سببا للشك في الحرمة الا انه مع ذلك لا يشمله الحديث لظهور بعينه في ان ارتفاع الشبهة يكون بتميز الخارج لا مدلول اللفظ كما في الشبهة المفهومية (٢).

الثانية ـ ان مقتضى تأسيسه ( بعينه ) ان يكون احترازيا لا تأكيدا لمعرفة الحرام وهذا لا يكون الا في الشبهة الموضوعية حيث انه قد يكون الحرام فيها معلوما ولكن لا بعينه كما في موارد العلم الإجمالي في الشبهة غير المحصورة بعد تخصيص الشبهة المحصورة في لعدم إمكان جعل البراءة فيها فيكون قيد ( بعينه ) لا دراج موارد الشبهة غير المحصورة في البراءة وهذا كثير في الشبهة الموضوعية بخلاف الحكمية فان فرض العلم الإجمالي غير المحصور فيها نادر جدا.

وهذه القرينة غير تامة ، لوضوح ان المطلوب ليس هو التخصيص بالشبهة الحكمية وانما تعميم الحديث لها وهو لا يتنافى مع عدم غلبة الشبهة غير المحصورة فيها ، إذ يكفي ان

__________________

(١) وسائل الشيعة ، كتاب التجارة ، الباب الرابع من أبواب ما يكتسب به ، ح ١.

(٢) ويمكن ان يقال ان نفس التعبير بقوله حتى تعرف الحرام ظاهر في ان المجهول هو الحرام لا الحرمة وهذا انما يكون في الشبهة الموضوعية لا الحكمية والا كان الأنسب ان يقال حتى تعرف انه حرام.

۵۲۴۱