وهذا هو الصحيح في إبطال هذا المأخذ لا ما قد يقال من ان الترخيص عرفا وبالمسامحة حكم وجودي أيضا وإن كان بالدقة عدميا ، أو القول بان الإباحة الشرعية حكم وجودي كباقي الأحكام الخمسة فترفع بالقاعدة (١).
فانه مضافا إلى ان الترخيص ليس حكما وجوديا بل مجرد عدم الإلزام ، ان نفي الإباحة بالمعنى الوجوديّ لا يثبت الحرمة التي هي المطلوب لنفي الضرر.
ودعوى : ان نفي الإباحة كحكم وجودي يستلزم الحرمة بعد ضم كبرى عدم خلو أية واقعة عن حكم من الأحكام الخمسة ، أو بدعوى الملازمة العرفية من باب دفع اللغوية.
مدفوعة فان ما يدلّ على عدم خلو كل واقعة عن حكم من الأحكام لا يراد منها إلاّ ان الشريعة ليست ناقصة ومهملة لبعض الوقائع وهذا أعم من الإلزام والترخيص بمعنى عدم الحكم كما هو واضح ، وقرينة اللغوية انما تتم فيما إذا نفيت الإباحة بالخصوص لا بالإطلاق ونحوه فان اللغوية تمنع حينئذ عن انعقاد الإطلاق ولا تعيّن اللازم.
وامّا المأخذ الثاني للمنع وهو لزوم تأسيس فقه جديد من شمول القاعدة للحكم العدمي فقد استعرض المحقق النائيني ( قده ) لتوضيح ذلك عدة تطبيقات نقتصر فيما يلي على أهمها وهو فرعان :
الأول ـ لزوم إمكان رفع عدم ولاية الزوجة مثلا على الطلاق عند ضررية ذلك كما إذا لم ينفق الزوج عليها عصيانا أو كان معسرا.
وأفاد السيد الأستاذ بان قاعدة لا ضرر لا تثبت ولاية الطلاق للزوجة أو لوليها وهو الحاكم الشرعي حتى إذا قلنا بعموم القاعدة للأحكام العدمية ، وذلك لأن الضررية تنشأ من عدم الإنفاق لا من الزوجية أو عدم الطلاق ، فالقاعدة تدل على وجوب الإنفاق لدفع الضرر وهذا لا ربط له بالولاية على الطلاق.
وهذا الاعتراض مبنيٌّ على اختصاص تطبيق القاعدة على الضرر المالي أي النقص في المال ، واما بناء على ما تقدم من ان للضرر مصاديق أخرى اعتبارية فمن
__________________
(١) ويرد على مثل هذا الكلام أيضا ان عدم الحكم ليس دائما مساوقا مع الإباحة أو الترخيص فقد يكون عدم الضمان مثلا على المتلف للمتلف منه ضرريا فيراد إثبات الضمان بالقاعدة مع ان عدمه ليس أحد الأحكام التكليفية الخمسة.