وكأن خفاء هذا مطلب هو الّذي دعى مثل المحقق العراقي ( قده ) ان يفترض متمما لهذه القاعدة في المرتبة السابقة فسلخها عن التأسيسية وحملها على انها إشارة إلى قواعد مجعولة في موردها من قبل نظير ما ذكره في حديث مسعدة بن صدقة ( كل شيء لك حلال حتى تعرف انه حرام ) الوارد في مورد السوق واليد ونحو ذلك ، وقد عرفت ان الصحيح ما ذكرناه.
الأمر الثاني ـ ان حديث كثرة التخصيصات على قاعدة لا ضرر انما ينجم من الجمود على الظهور الأولي للكلام بقطع النّظر عن تحكيم مناسبات الحكم والموضوع والارتكازات العقلائية والاجتماعية عليه ، ذلك ان الشريعة من مقوماتها بحسب المرتكز العقلائي اشتمالها على قواعد وأنظمة تحقق العدالة الاجتماعية وتنظم الحياة العامة للناس وهي تستتبع لا محالة تحميلا على الناس أو تحديدا لهم إلاّ ان هذا ليس بضرر اجتماعيا بلحاظ المشرع ـ وإن فرض بالقياس إلى الفرد لو أراد ان يحمل شيئا على آخر كان ضررا ـ بل الضرر ان تخلو الشريعة عن تلك الأنظمة فان الشريعة التي لا تضمن من أتلف ما الغير ولا تقتص من جان ولا تعاقب سارقا ولا تأخذ زكاة للفقراء هي التي تكون ضررية وهكذا يتضح انه بالنسبة إلى المشرع الصادر منه هذه القاعدة لا تكون الأحكام المذكورة بحسب مناسبات الحكم والموضوع الاجتماعية أحكاما ضررية لكي يقال بأنها تخصيص الأكثر.
واما الأحكام العبادية الأخرى فلو فرض فيها ما يستلزم نقص مال أو تحديد حرية ولم تكن مشمولة للارتكاز والمناسبة المشار إليها فلا إشكال في ان هناك ارتكازا آخر محكما على هذا الدليل الصادر من شارعنا الأقدس وهو انه ليس للعبد تجاه مولاه الحقيقي حق الحرية والملك ليكون تكليفية بذلك من أجل المولى ضررا عليه نعم تحمله لذلك تجاه الآخرين يكون ضررا وهو المنفي بهذه القاعدة.
وهكذا يتضح في ضوء هذا الأمر الجواب على إشكال كثرة التخصيص الّذي تجشم الشيخ في مقام دفعه بان التخصيص الوارد قد تعلق بعنوان واحد لا بعناوين متعددة فانه ليس هناك تخصيص بل تخصص.
واما الأجوبة المتقدمة فجواب الشيخ قابل للمناقشة من ناحية عدم ورود التخصيصات بعنوان واحد بل عناوين عديدة حسب الأبواب الفقهية المختلفة ،