من الحكومة لا يكون إلاّ على نحو النفي التركيبي ليس صحيحا.
وأيّا ما كان فهذا القسم من نفي الحكم بلسان نفي الموضوع يختص بنفي إطلاق الحكم لا أصله لأن نكتته فرض كون الحكم أثرا لا ينفك عن الموضوع المنفي ، وهذا لا ينسجم مع نفي أصل ثبوت الحكم إذ بذلك يخرج عن كونه أثرا ولازما له.
٢ ـ ما يمكن نفي أصل الحكم به كما في مثل ( لا رهبانية في الإسلام ) وهذا يمكن ان يكون على أحد وجوه :
الأول ـ ان يكون النّظر إلى لوح التشريع وعالم الجعل والتقنين ، فان الحكم له نحو ثبوت موضوعا ومحمولا في هذا العالم فإذا كان وعاء النّظر هذا العالم أمكن نفي الحكم بلسان نفي موضوعه في هذا العالم شريطة ان يكون ثبوت الحكم لذلك الموضوع تشريعا مترقبا ومتوقعا في ذهن العرف ومأنوسا لديهم لثبوته في الشرائع السابقة أو لدى العقلاء ومرتكزاتهم كما في الرهبانيّة التي كانت في المسيحية ونفيت في الإسلام.
وهذا الوجه هو ظاهر كلام المحقق الاصفهاني ( قده) في المقام.
ويرد عليه : ان مجرد عناية ثبوت الحكم في لوح التشريع لا تكفي لتصحيح نفي الحكم بلسان نفي موضوعه في هذا العالم إلاّ بعنايات فائقة ، ولهذا لا يصح ان يقال لإطلاق في الإسلام بمعنى نفي حرمة الطلاق مثلا ، إذ كما يكون جواز الرهبانيّة حكما للرهبانية ثابتا في المسيحية كذلك كانت حرمة الطلاق مثلا ثابتة فيها فلما ذا لا يصح
__________________
الواقعة بين الوالد والولد ، ويستدل على ذلك بأحد وجهين لا يتم شيء منهما.
الأول ـ ان المقصود نفيه في المقام أثر لصفة المعاملة الربوية لا نفسها ، وتلك الصفة زائدة على نفس المعاملة حتى في نظر العرف فالأنسب نفي كون المعاملة الربوية ربوية لا نفي أصل تحقق المعاملة الربوية.
وفيه : ان ( لا ربا ) ليس نفيا للمعاملة الربوية وانما هو نفي لتحقق الرّبا الّذي هو الزيادة في المعاملة لا نفسها.
الثاني ـ ان العرف يفهم من هذه الجملة ان كيس الوالد والولد واحد وان الزيادة الواقعة بين الوالد والولد زيادة صورية لا حقيقية ، وإفادة هذا المطلب بالجملة النافية لا تكون إلاّ إذا كان النفي تركيبيا لا بسيطا أي تكون في قوة ( ليست الزيادة بين الوالد والولد زيادة ) بان تثبت الزيادة في طرف الموضوع أولا كزيادة صورية لتنفي عنها الزيادة الحقيقية ، وهذا بخلاف ما ذا حمل الكلام على النفي البسيط للزيادة بين الوالد والولد فانه بمجرده لا يفيد المعنى المذكور إذ لعله ينفي ذات الزيادة ادعاء لا حقيقة.
وفيه : ان النفي الادعائي للربا أيضا بحاجة إلى مصحح ، ومصححه في المقام ولو ارتكازا وعرفا هو وحدة الكيس وهذا أبلغ من إثبات الموضوع صورة ثم نفيه عنه حقيقة بل حمل الجملة على النفي التركيبي خلاف الظاهر بعد ان كان مدلوله الوضعي النفي البسيط ، ولعله غلط في الاستعمال فان ( لا ) النافية لا تستعمل في النفي التركيبي وجعله كناية عن إخطار المعنى التركيبي ممّا لا يساعد عليه العرف ولا الذوق.