الثانية ـ من حيث الناظر والحاكم بصدق الضرر ، فقد يكون النقص حقيقيا كمن تقطع يده وقد يكون اعتباريا مقيدا ببعض الأنظار والقوانين كمن يتلف الخمر الراجع إلى الغير مثلا فانه ليس ضررا عليه في القوانين الإسلامية لعدم اعتبارها مالا ولكنه ضرر في القوانين غير الإسلامية ، ومن قبيل الحكم بعدم ملكية محيي الأرض فانه ضرر في النظام الإسلامي أو الرأسمالي دون الاشتراكي. وحديث لا ضرر يشمل الضرر المطلق الحقيقي بلا إشكال وامّا شموله لضرر المقيد ببعض الأنظار فمبنيٌّ على كون ذلك النّظر مقبولا عند الشارع الأقدس.
ثم انه قد يناقش في صدق الضرر على النقص في الكرامة والعرض بعدم صدقه على مجرد النّظر إلى عرض الغير فيقال بعدم صدق الضرر إلاّ مع النقص في المال أو النّفس والطرف.
والتحقيق : ان صدق الضرر بلحاظ العرض والكرامة انما يصدق لو كان مستلزما لسلب حق من حقوق الإنسان تجاه عرضه وكرامته كما في سلب حق الأنصاري في ناموسه وعرضه وامّا مجرد النّظر إلى الأجنبية فليس مستلزما للنقص وان كان محرما شرعا.
وقد يستبدل كلمة النقص بفعل ما يكره الشخص كمن يمنع الناس من الخروج من البلد أو من يمنع اشتراك زيد في أيّة شركة تجارية ـ كما في الاحتكارات والامتيازات للشركات التجارية ـ فانه لم يوجب نقصا عليه ولكنه فعل ما يكره ويتضايق منه.
إلاّ انه بالإمكان إدراج هذه الموارد في النقص لأنه نقص لحق العمل أو حرية الإنسان فهو نحو سلب للحق فيكون ضررا فيدخل تحت إطلاق القاعدة لأنه مضافا إلى شمول عنوان الضرر لمثل هذه الإضرار عرفا يكون مورد الرواية النقص في حق من هذا القبيل (١).
__________________
(١) هذه في مثل منع الغير من الخروج عن البلد أو من الإقدام على عمل أو تجارة صحيح ، واما ما يحصل من الامتناع القهري نتيجة احتكار امتياز العمل التجاري ونحوه فصدق الضرر عليه محل تأمل وإشكال إذ لم يسلبه حقا وانما رفع موضوع قدرته على إعمال حقه وحريته نعم لو فرض ثبوت حق مشترك في المرتبة السابقة للجميع في الاستفادة من ثروة طبيعية فاستطاع شخص ان يحتكر كلها لنفسه لم يبعد صدق الضرر عندئذ وقد يكون تطبيق النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم للقاعدة في مسألة منع فضل الماء منها.