وامّا المقدمة الثانية فقد استدل عليها أيضا بوجهين :

الأول ـ وحدة الراوي عن عقبة بن خالد والراوي عن الراوي في كل الأقضية المنقولة في فقهنا فيستبعد كونها روايات متعددة اتّحد رواتها صدفة.

وفيه ـ ان النجاشي نقل وجود كتاب لعقبة ورواه عنه بسند ينتهي إلى نفس هذين الراويين الموجودين في تمام روايات عقبة فلعل صاحب الكافي مثلا أيضا وصل إليه هذا الكتاب بسند منته إليهما وكانت روايات الأقضية موجودة في ذلك الكتاب ، فوحدة الرّواة نشأت من وحدة الكتاب الّذي رواه بمجموعه أولئك الرّواة لا وحدة الرواية كما يشهد لذلك ان سائر روايات عقبة غير الأقضية أيضا تنقل عنه بواسطة هذين الراويين.

الثاني ـ ان الأقضية المجتمعة في رواية واحدة لعبادة كيف توزعت في أخبارنا وتفرقت فهذا اما ان يكون لأجل انها صدرت من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرتين نقل عبادة إحداهما ونقل الإمام الصادق الأخرى ، وامّا ان يكون من ناحية تقطيع نفس الإمام الصادق أو الرّواة ، واما ان يكون من ناحية تقطيع أصحاب الجوامع وضعا لكل حديث في موضعه المناسب له ، والأولان مستبعدان فيتعين الثالث.

وفيه : ان هذه الأقضية لم تكن رواية واحدة صادرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مجلس واحد نقلها عبادة وانما هي روايات عديدة جمعها عبادة في سياق واحد في كتابه من باب الجمع بين متفرقات بجامع كونها أقضية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وليس الإمام الصادق مسئولا عن سلوك نفس الطريقة التي اتخذها عبادة.

واما المقدمة الثالثة وهي دعوى شدة المطابقة فقد ظهر بطلانها ممّا تقدم.

ثم انه لو سلمنا كل المقدمات فان أريد من كل ذلك دعوى فقدان الظهور في رواية عقبة في التعليل وذيلية حديث نفي الضرر لقضاء النبي في الشفعة ومنع فضل الماء فهو خلاف أمانة التوزيع الصحيح للروايات إذ لا بد وان يحمل توزيع أصحاب المجاميع للروايات على انها قبل التوزيع كانت محفوفة بقرائن تدل على نفس ما تدلّ عليه بعد التوزيع من الذيلية إن احتملنا ذلك احتمالا عقلائيا ، وفيما نحن فيه لا ندعي احتمال ذلك بل ندعي القطع بذلك ونقول انه حتى مع فرض الجمع بين هذه الأقضية يكون الظهور الرواية في الذيلية محفوظا قويا فانه لو لم يكن ذيلا مرتبطا بحكم

۵۲۴۱