الثالث ـ ما ذكره المحقق العراقي ( قده ) من إرادة التكليف الأعم من الحكم الكلي والجزئي ويكون الإسناد إليه حقيقيا لا محالة.
وهذا الجواب وان كان يحل المشكلة بلحاظ فقرة ما لا يعلمون وعمومها للشبهتين الا انه يبقى الإشكال بلحاظ الفقرات الثمان الأخرى ، فان المراد من الموصول فيها لا يكون الا الفعل الخارجي لأن ما يضطر إليه أو ما لا يطيقونه هو الفعل لا الحكم الشرعي فيبقى الإشكال في كيفية الجمع بين اسناد الرفع إليها الّذي لا يكون الا مجازيا واسناده إلى ما لا يعلمون بمعنى الحكم الّذي يكون حقيقيا.
الرابع ـ ان الرفع في الحديث عنائي على كل حال ، إذ ليس المقصود منه الرفع الحقيقي الواقعي بل الظاهري وهو رفع بالعناية والمجاز على كل حال سواء أسند إلى التكليف أو إلى الموضوع الخارجي فالهيئة مستعملة في اسناد مجازي والمعنى ان الكلفة والتبعة المترتبة على ما لا يعلمونه أو لا يطيقونه مرفوع سواء كان حكما أو فعلا وموضوعا خارجيا (١).
الجهة الثانية ـ مقتضى الأصل إطلاق الموصول للشبهتين معا بعد ان تم تصوير الجامع في الجهة السابقة فلا بد لمدعي التقييد من إبراز مقيد وهنا دعويان متقابلان :
الأولى ـ دعوى الاختصاص بالشبهة الموضوعية بقرينة السياق في الفقرات الثمانية الأخرى حيث انها جميعا يراد بالموصول أو غيره فيها الموضوع الخارجي فبظهور السياق في وحده المراد يحمل الموصول في ما لا يعلمون على الفعل.
وفيه : ان الاختلاف في الدالين الواقعين في السياق الواحد تارة يكون بلحاظ مدلوليهما الاستعمالي كما إذا قال زر الإمام وصل خلف الإمام فيراد بالأول المعصوم
__________________
(١) هذا يتم على فرض أخذ التقدير في اسناد الرفع واما إذا فرض اسناده إلى نفس الأمور التسعة ويكون المرفوع الوجود لتشريعي والتحميلي أو الخارجي لها فمن الواضح ان الرفع التشريعي للموضوع المجهول رفع عنائي بخلاف الرفع التشريعي للحكم المجهول وان كان الرفع ظاهريا على كل تقدير فلا يمكن الجمع بينهما في نسبة واحدة ويمكن الجواب : بافتراض ان الرفع مسند في تمام الفقرات إلى ما ارتكبه المكلف خطا أو نسيانا أو اضطرارا أو جهلا سواء كان من جهة الجهل بالموضوع أو بالحكم فشرب التتن الّذي ارتكبه المكلف لعدم علمه بحرمته مرفوع عنه وبهذا النّظر العرفي يكون مالا يعلمون منطبقا على نفس الفعل الصادر خارجا حتى في الشبهات الحكمية فلا يلزم كون المرفوع غير ما لا يعلم به نعم تأتي على هذا التفسير شبهة اختصاص الرفع بموارد صدور الفعل عن المكلف في مورد الجهل غفلة أو لكون الجهل جهلا مركبا وهذا غير البراءة المبحوث عنها فيكون وزان حديث الرفع وزان قوله عليهالسلام ( من ركب امرا بجهالة فلا شيء عليه ) فتأمل جيدا.