ويرده ما تقدم مراراً من إمكان أخذ العلم بالجعل أو عدم العلم به في موضوع فعلية المجعول (١).

الاعتراض الثاني ـ انه يلزم عدم قابلية الخطاب النفي الاستقلالي للتنجز لأنه ما لم يعلم به تجري البراءة عنه ، وإذا علم به ارتفع التكليف بارتفاع موضوعه ، وجعل خطاب لا يقبل الوصول والتنجز لغو محض.

وفيه : انَّ عدم الوصول وعدم العلم ليس مساوقاً مع البراءة والتأمين ، لأنه من تبعات ترك الفحص فلا تجري الأصول المؤمنة العقلية أو الشرعية ، فهذا التكليف قابل للتنجيز.

الاعتراض الثالث ـ انَّ التكليف وإِن كان قابلاً للمنجزية ولكنه لا يقبل المحركية ، لأنَّ المراد بالجهل على ما هو ظاهر الفتاوى الجهل المركب أي اعتقاد وجوب التمام أو الإخفات أو ما بحكمه كالغفلة فلا يشمل موارد التردد والشك مع الالتفات الّذي يمكن فيه الاحتياط والتحرك ، وعليه فلا يعقل محركية وجوب الجهر أو القصر الاستقلالي لا حال الجهل لما عرفت ولا حال العلم لارتفاع موضوعه فيكون جعله لغواً.

وهذا الاعتراض تام إذا فرض تمامية أصله الموضوعي الفقهي (٢).

الاعتراض الرابع ـ لزوم تعدد العقاب الّذي أورده المحقق النائيني ( قده ) في أحد تقريري بحثه على فرضية المحقق الخراسانيّ ( قده ) وهذا الاعتراض وان لم يكن متجهاً هناك فانه متجه هنا ، لأنَّ صاحب الكفاية لم يفرض غرضاً مستقلا في الخصوصية المجهولة بخلاف هذه الفرضية التي تفترض في الخصوصية غرضاً مستقلاً نفسيا زائداً على الغرض الموجود في الجامع (٣).

__________________

(١) تقدم في محله انَّ العلم بالجعل في موضوع عدم المجعول ، أو العلم بالعدم في موضوع فعليته محال من جهة عدم معقولية محركية مثل هذا الجعل ، إلاّ انَّ هذا يرجع إلى الاعتراض الثالث القادم.

ثم انَّ هنا جواباً آخر حاصله : انَّ العلم بالحكم لا يوجب ارتفاع أصله بل ارتفاع حده الاستقلالي ، فكأنّ المأخوذ العلم بأصل الوجوب في موضوع الوجوب الضمني وأصل الوجوب ثابت ومتأكد حتى بعد طرو الوجوب الضمني.

(٢) بل لا يتم على هذا التقرير أيضاً ، لأنَّ العلم بوجوب القصر أو الجهر لا يرفع أصل إيجابه وانما يرفع حد الوجوب الاستقلالي مع ثبوت أصله وتأكده وهذا لا ينافي المحركية ، فجعل وجوب لو وصل لتأكد مع وجوب آخر ليس لغواً لأنَّ ذات الوجوب وأصله قابل للمحركية لتعدد المحرّك عندئذ وقد لا يتحرك شخص عن مجرد الوجوب الضمني أي الوجوب الواحد وانما يحركه وجوبان نحو الخصوصية وهذا كاف في إمكان الجعل ، وبهذا أيضا يمكن ان يجاب على الاعتراض السابق.

(٣) لا يتم هذا الاعتراض أيضاً ، لأنَّ الخصوصية الواجبة بملاك نفسي ثابتة على كل حال في حق العالم والجاهل وانما الفرق من

۵۲۴۱