الوجه الثامن ـ ان نستفيد من نفس المقدمة الموضحة في الوجه السابق بعد ضمه إلى العلم إجمالاً بوجود بعض الخطابات الشرعية ضمن الشبهات ، وهذا العلم الإجمالي فيما سبق كنا نستفيد منه في إيقاع التعارض والتساقط بين الأصول المؤمنة في الأطراف امّا هنا فنستفيد منه في المقام لإثبات التقييد في أدلة الأصول المؤمنة بلحاظ ما قبل الفحص فيكون من موارد اشتباه الحجة باللاحجة.
الوجه التاسع ـ التمسك باخبار وجوب التعلم ، وهذا الوجه انما ينفع لمن عرف صدفة اخبار وجوب التعلم وتماميتها سندا ودلالة ، واما من لم يعرف ذلك فلو لم يتم في حقه في المرتبة السابقة منجز لوجوب الفحص فلا تجدي له هذه الاخبار.
وقد اعترض في تقريرات المحقق العراقي على الاستدلال بهذه الاخبار بوجوه عديدة :
الأول ـ ان بالإمكان حملها على موارد العلم الإجمالي بالتكليف الّذي هو الغالب في موارد الشك قبل الفحص.
وفيه : انه خلاف إطلاقها بل خلاف ظهورها في ان منشأ التنجز كونه لا يعلم لا كونه يعلم بالتكليف إجمالا.
ثم لو غض النّظر عن هذا الاستظهار فالنسبة بين إطلاقها وإطلاق أدلة البراءة الشرعية العموم والخصوص المطلق إذا فرض خروج الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي عن أدلة البراءة بالمخصص العقلي المنفصل ، فيكون قد ورد عليه تخصيصان أحدهما حكم العقل بقبح المعصية والآخر هذه الاخبار فتتقيد بغيرهما. واما إذا قلنا بان خروج أطراف العلم الإجمالي يكون على أساس قرينة متصلة ارتكازية ـ كما هو الصحيح ـ فالنسبة بينهما عموم من وجه لشمول هذه الاخبار دون أدلة البراءة لأطراف العلم الإجمالي وشمول أدلة البراءة دون هذه الاخبار للشبهات بعد الفحص ، فإذا لم يكن وجه لتقديم أدلة البراءة من جهة قطعية سندها ولو لوجود الكتاب ضمنها تعارض الإطلاقان وتساقطا في الشبهة غير المقرونة بالعلم الإجمالي قبل الفحص ، فلا تثبت البراءة حتى الطولية لما تقدم في بعض الوجوه السابقة.
هذا مضافا إلى إمكان دعوى حكومة هذه الاخبار على أدلة البراءة بملاك النّظر ، لأنها تفترض الجهل واستناد المكلف إلى عدم العلم الّذي قد يقتضي الترخيص.