وفيه : أولا ـ انه مبني على تصور المشهور من لزوم إيجاب الباقي إلى امر جديد ، مع انك عرفت إمكان جعل الأمر من الأول على الجامع المقيد أحد فرديه بفرض العجز والتعذر.
وثانيا ـ لو سلمنا الوجوب الجديد فحمل النفي على العنائي انما يلزم إذا كان هناك تقدير أي أسند السقوط إلى حكم الميسور وهو خلاف الأصل بل السقوط أسند إلى نفس الميسور باعتبار ما له من نوع ثبوت في عهدة المكلف وعلى ذمته ، واختلاف منشأ الثبوت في العهدة من الوجوب الضمني إلى الاستقلالي لا يجعل الساقط متعددا بحسب النّظر العرفي لأن المنشأ حيثية تعليلية.
والمحقق الأصفهاني بعد ان وافق على اسناد السقوط إلى نفس الميسور جعله باعتبار موضوعيته للحكم ، ففسر الحديث بعدم سقوط الميسور عن كونه موضوعا للحكم بسقوط المعسور.
وفيه : ان مجرد الموضوعية للحكم لا يناسب التعبير بالسقوط ، ولهذا لا يصح اسناد السقوط إلى الماء إذا ارتفع الحكم بإباحة شربه مثلا ، بل لا بد من افتراض نوع علو وأهمية للشيء الساقط بحيث يهوي ويسقط وهذا لا يكفي فيه مجرد الموضوعية ما لم يكن ذلك مساوقا لوجوده في عهدة المكلف وعلى عاتقه.
هذا كله في الحديث الأول.
واما الحديث الثاني : أعني قوله ( إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ) فقد استشكل في دلالته بأنه طبق على مورد الكلي والفرد حيث ورد في جواب سؤال صحابي عن لزوم الحج كل عام فأجاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنه لو قلت نعم لوجب كل عام ، ولو وجب لما استطعتم وكفرتم ، ثم قال إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم. فحتى لو فرض ظهور الحديث في النّظر إلى المركبات بقرينة ( منه ) الظاهر في التبعيض لا بد وان يرفع اليد عن هذا الظهور بقرينة المورد ويحمل على الكلي والفرد بحملها على البيانية أو زائدة أي فأتوه ما استطعتم ، ومعه لا يمكن الجمع بين المعنيين والبابين.
وأجاب المحقق الأصفهاني ( قده ) عن هذا الإشكال بأنا لا نسلم وضع من للتبعيض المخصوص بباب الكل والجزء ، بل هي موضوعة للتبعيض بمعنى الاقتطاع وإخراج البعض سواء كانت نسبته إليه نسبة الجزء إلى المركب أو نسبة الفرد إلى