السورة في حالة الجهل ظاهرا وان كان بحسب الدقة يجامع مع فرض رفع وجوب الأكثر رأسا دون إيجاب الأقل ظاهرا لكن المستفاد عرفا من نفي جزئية شيء أو شرطيته في عبادة في حال الجهل وجوب الباقي عليه ظاهرا في تلك الحال.
وهذا الوجه انما يتم لو كان دليل نفي الجزئية دليلا خاصا في هذا المورد ، ولا يتم في مثل إطلاقات أدلة البراءة ، لأن ملاك هذه الدلالة مرتبط بورود النفي بعنوان نفي الجزئية في الواجبات الارتباطية كما لا يخفى.
كما ان هذا الوجه لو تم لكان جوابا على السؤالين أعني وجه التفكيك بين البراءتين ووجه العدول إلى إجراء البراءة عن الجزئية ، لأن ما يمكن ان يستفاد منه ذلك هو عنوان نفي الجزئية كما أشرنا لا نفي وجوب الأكثر.
الأمر الرابع ـ ذكر المحقق الخراسانيّ ( قده ) بعد جريان البراءة عن الجزئية.
« لا يقال : انما يكون ارتفاع الأمر الانتزاعي برفع منشأ انتزاعه وهو الأمر ولا دليل آخر على امر آخر بالخالي عنه ». ثم أجاب عنه بجعل نسبة حديث الرفع إلى أدلة الاجزاء نسبة الاستثناء إلى المستثنى منه.
وهذا هو الّذي ذكرنا ان مبرره لدى صاحب الكفاية تنجيز وجوب الأقل ليمكن إجراء البراءة عن الأكثر ولو بلسان نفي الجزئية ، لأن صاحب الكفاية لا يرى انحلال العلم الإجمالي ، كما انه يبني على العلية التي تمنع عن جريان البراءة الا إذا تنجز أحد طرفي العلم الإجمالي في المرتبة السابقة.
الا ان السيد الأستاذ استغرب من ذلك وأفاد بان الأقل متنجز بنفسه على كل حال ولا يحتاج إلى التفتيش عن منجز له بعد التأمين عن وجوب الأكثر ، إذا سواء تنجز الأكثر أو جرت البراءة عن وجوب الباقي كان الأقل منجزا على المكلف ولم يجز له تركه. وذكر ان هذا الأمر يناسب مسألة أخرى هي ما إذا شك في اختصاص جزئية جزء أو شرطيته بحال الذّكر وعدمه فانه على تقدير ثبوت الجزئية حتى لحال النسيان يسقط التكليف بالمركب لا محالة بخلاف ما إذا كان مختصا بحال الذّكر فيشك لا محالة في وجوب الباقي في حال النسيان إذ ليس الأقل واجبا فيه على كل تقدير ، فلعل هذا الكلام صدر من صاحب الكفاية في تلك المسألة وثبت هنا اشتباها.
أقول : قد عرفت ان وجه لزوم التفتيش عن منجز للأقل انما هو لإمكان الرجوع