واما إذا بنينا على ان الإطلاق عبارة عن لحاظ عدم القيد فالمتعلق بناء على وجوب الأقل غيره بناء على وجوب الأكثر ومباين معه ، الا انه لا ينبغي الإشكال في ان الإطلاق لا يدخل في العهدة لأنه يقوم الصورة الذهنية وليس له محكي ومرئي ليراد إيجابه زائدا على ذات الطبيعة ولو قلنا ان الإطلاق لحاظ عدم القيد بخلاف التقييد لأن المولى لا يريد من المكلف إيجاد الصورة الذهنية بل يريد إيجاد محكيها الخارجي ، وعليه فبلحاظ عالم المفروض الذهني للوجوب وان كان الواجب دائرا بين متباينين الا انه بلحاظ ما يتسجل في العهدة عقلا وهو المحكي الخارجي دائر بين الأقل والأكثر ، وبعبارة أخرى ان أريد إثبات التنجيز للعلم الإجمالي بالإطلاق أو التقييد فهو غير ممكن لأن الإطلاق لا يقبل التنجز ، وان أريد إثبات التنجيز للعلم الإجمالي بالوجوب بالقدر الّذي يقبل التنجيز ويدخل في العهدة فهو دائر بين الأقل والأكثر.
ومثله يقال بناء على النظرية الثالثة في حقيقة الارتباطية ، فان الوحدة الذهنية الاصطناعية للصورة الذهنية ، لا تدخل في العهدة بل محكيها ومعنونها وما تقتضيه من الضيق يدخل فيها وفي هذه المرحلة الأمر دائر بين الأقل والأكثر.
وهكذا يتضح : ان إرجاع العلم الإجمالي في هاتين المحاولتين إلى العلم الإجمالي الدائر بين طرفين متباينين لو كان النّظر فيه إلى مرحلة ما يدخل في العهدة من التكليف فليس بصحيح ولا يمكن ان يكون دليلا على وجوب الاحتياط وعدم الاكتفاء بالأقل ، وان كان بلحاظ عالم عروض الوجوب فهو صحيح الا أن متعلق العلم بهذا المعنى ليس هو الّذي يتنجز على المكلف ويدخل في عهدته.
وبهذا ظهر ان الوجه الثاني للانحلال بالعلم التفصيليّ بالأقل إن أريد به دعوى الانحلال الحقيقي بلحاظ ما يدخل في العهدة فهو صحيح ، وان أريد به دعوى انحلال بلحاظ تمام العوالم أي بلحاظ عالم تكوين الوجوب فهو غير صحيح إذ لا يوجد علم تفصيلي بأحد طرفيه بلحاظ هذا العالم.
كما ظهر ان الجواب الحقيقي على المانع الأول الّذي أبرز للمنع عن جريان البراءة عن الأكثر ان البراءة انما تجري عما يدخل في العهدة ويتنجز بالعلم والخصوصيات الحدية للوجوب كالاستقلالية والإطلاق لا تدخل فيها وانما المحدود وما يستتبعه من الثقل خارجا على المكلف يدخل في عهدة المكلف فالوجوب الداخل في العهدة امره