المتنجس الثاني الجامد ـ فان فرض ان هذا المتنجس الثاني ليس مأكولا ولا ملبوسا كالدرهم أمكن إجراء أصالة الطهارة في الطرف الآخر لتجويز شربه والصلاة فيه لعدم وجود معارض له في الطرف الآخر ، إذ لا يترتب على نجاسته تكليف لا بلحاظ نفسه بحسب الفرض ولا بلحاظ ملاقيه لعدم منجسيته فليس مثل هذا علما إجماليا بموضوع تكليف فعلي.
وان فرض انه كان مأكولا أو ملبوسا في الصلاة فأصالة الطهارة في ملاقي الطرف الآخر تتعارض مع أصالة الطهارة في هذا الطرف بلحاظ حكم نفسه أي أكله أو لبسه في الصلاة لا بلحاظ حكم ملاقيه لعدم نجاسته بحسب الفرض ، وهذا مبني على القول بتعارض الأصل الطولي مع الأصل الغرضي في الطرف الآخر كما هو الصحيح على ما تقدم وسوف يأتي أيضا في المقام الثاني.
وهكذا يتضح من مجموع ما تقدم ان العلم الإجمالي بنجاسة أحد الشيئين ـ العلم الإجمالي الأول ـ لا ينجز الحرمة التكليفية لملاقي أحدهما ولكن ينجز الحرمة الوضعيّة في الطرفين ، أعني المانعية للملاقي من أول الأمر ، وأثر هذا المبنى العملي ـ مع انا سوف نقول بمنجزية العلم الإجمالي الثاني حتى لحرمة الشرب ـ يظهر فيما إذا لاقى الثوب أو الماء مع أحد الطرفين بعد خروج الطرف الآخر عن محل الابتلاء بانعدامه أو تطهيره ولم يكن الطرف الخارج متنجسا ثانيا جامدا.
والأصحاب لم يفرقوا بين الحكمين وانما فرعوا منجزية العلم الإجمالي الأول على بحث فقهي يرتبط بتكييف حقيقة السراية وان نجاسة الملاقي هل تكون من باب السببية أو الانبساط ، فذهب المحقق النائيني إلى انه إذا قلنا بان السراية بابها باب السببية فهناك نجاسة أخرى مستقلة لا علم بها ولا تتنجز بالعلم الإجمالي الأول وان قلنا بأنها من باب الانبساط فنجاسة الملاقي عين نجاسة الملاقي ـ بالفتح ـ انتقلت إليه فهي نفس ما كان طرفا للعلم الإجمالي الأول فيتنجز به وقد اختار فقهيا السببية لا الانبساط.
وهذا الكلام غير صحيح حتى إذا غفلنا عما بيناه من التفصيل بين الحكمين التكليفي والوضعي وفرضنا معقولية انبساط النجاسة بالمعنى المذكور وذلك لأنه يرد عليه :