للطرف الآخر وهنا يوجد علمان إجماليان علم إجمالي بنجاسة أحد الطرفين وعلم إجمالي بنجاسة الملاقي أو طرف الملاقي ـ بالفتح ـ والكلام يقع في تنجز حرمة الملاقى بكل واحد من هذين العلمين الإجماليين فالبحث في مقامين :
المقام الأول ـ في تنجز حرمة الملاقى بالعلم الإجمالي الأول. وقد ذهب الأصحاب إلى عدم تنجزها به فلو بقينا وهذا العلم الإجمالي لجاز شرب الملاقى أو التوضي به مثلا إذا كان ماء. واستندوا في ذلك إلى كبرى كلية لبيان ما يتنجز بالعلم الإجمالي وحاصلها : ان العلم الإجمالي انما ينجز حكما ما إذا كان الشيء المعلوم تمام الموضوع لذلك الحكم لا جزء كما في حرمة شرب أحد المائعين اللذين يعلم خمرية أحدهما فان حرمة شرب الخمر تمام موضوعه الخمر وهو معلوم في البين بخلاف حكم الحد ثمانين جلدة مثلا فان من يشرب أحدهما لا يحكم بذلك في حقه لأن موضوعه مركب من جزءين خمرية شيء وشرب المكلف له والجزء الثاني غير معلوم وانما المعلوم بالعلم الإجمالي الأول فقط وهو لا يكفي لتنجيز هذا الحكم ، وفي المقام يقال أيضا بان حرمة شرب نفس النجس المعلوم ضمن أحد الطرفين أو التوضي به تتنجز بالعلم الإجمالي لكونه علما بتمام الموضوع لها واما حرمة الملاقي لأحدهما فلا يتنجز به لأنه موقوف على العلم بملاقاته مع النجس وهو غير معلوم.
ومنه يعرف انه إذا لم يكن شيء من الطرفين موضوعا لحرمة تكليفية أو وضعية فلا يكون العلم الأول منجزا أيضا كما إذا علم نجاسة أحد الدرهمين فان هذا لا ينجز شيئا إذ ليس الدرهم مأكولا أو ملبوسا في الصلاة ليتنجز ذلك به واما حرمة الشرب أو التوضي بملاقيه فلا علم بتمام موضوعه ، ونحوه ما إذا كان المعلوم بالإجمال في أحد الطرفين تمام الموضوع لحكم دون الطرف الآخر كما إذا علم بنجاسة الدرهم أو الماء فانه تجري أصالة الطهارة في الماء بلا معارض لعدم ترتب أثر على نجاسة الدرهم فليس مثل هذا علما إجماليا بموضوع تكليف فعلي على كل تقدير.
ومن هنا حكموا في الماءين المسبوقين بالكرية إذا نقص أحدهما غير المعين عن الكرية وعلم بملاقاة النجاسة لأحدهما المعين بجريان استصحاب الكرية فيه من دون ان يعارض ذلك باستصحاب كرية الآخر إذ ليس هناك أثر فعلي يترتب على كرية الآخر وعدمهما وليس العلم بعدم كرية أحدهما علما بتمام الموضوع للانفعال بل لا بد