ويشترط عند أصحاب هذا المسلك ان يكون العلم الإجمالي منجزا لكلا الطرفين (١).

واما البحث في المقام الثاني ـ وهو ما إذا كان أحد طرفي العلم الإجمالي خارجا عن محل الابتلاء. فقد ذهب المشهور إلى عدم منجزية العلم الإجمالي فيه وخالف في ذلك الأستاذ ، وقد ربطوا ذلك إثباتا ونفيا باشتراط الدخول في محل الابتلاء في صحة التكليف ، فالذين أنكروا منجزية هذا العلم استندوا في ذلك إلى ان الدخول في محل الابتلاء شرط في التكليف فلا علم إجمالي بالتكليف مع خروج أحد طرفيه عن محل الابتلاء ، والسيد الأستاذ حيث أنكر اشتراط التكليف بالدخول في محل الابتلاء أقر منجزية العلم الإجمالي. وسوف يتضح ان عدم منجزية هذا العلم الإجمالي لا يرتبط بهذه المسألة أصلا بل حتى على القول بفعلية التكليف في موارد الخروج عن محل الابتلاء كما هو الصحيح على ما سوف يظهر لا يكون هذا العلم الإجمالي منجزا.

وتفصيل الكلام في ذلك.

__________________

(١) قد يقال : إذا لم يتحصص الفعل إلى حصتين مقدور وغير مقدور جرى ذلك في طرف الواجب المردد بين طرفين أحدهما غير مقدور للمكلف مع انه لا إشكال في عدم تمامية الركن الأول من أركان العلم الإجمالي فيه.

فانه يقال : في طرف الوجوب يمكن ان تكون القدرة شرطا في الاتصاف بحيث من دونها لا حاجة للمولى إلى الفعل فلا محبوبية لا ان المحبوب لا يتحقق وهذا بخلاف الحرام أو المبغوض فان القدرة عليه التي تعني القدرة على العصيان لا يمكن ان تكون دخيلة لا في المبغوض ولا في البغض ، نعم يمكن ان تكون الحصة الاختيارية لا الاضطرارية هي المبغوضية الا ان هذا معناه بحسب الحقيقة ان القدرة على امتثال الحرمة وترك الحرام دخيلة في الاتصاف كما لا يخفى.

نعم يمكن ان يناقش في تمامية الركن الأول من أركان منجزية العلم الإجمالي في المقام بأحد امرين :

الأول ـ ربما يكون الملاك في النهي من جهة المصلحة في الترك الا المفسدة في الفعل فإذا احتمل ذلك كان الشك في الاتصاف واردا بان يكون الترك غير الاضطراري القهري هو الواجد للملاك كاحتمال اختصاص الملاك بالفعل الاختياري في الواجب فلا يكون العلم بروح التكليف فعليا على كل تقدير.

الثاني ـ ان الركن الأول انما هو تعلق العلم الإجمالي بما يدخل في العهدة ويتنجز على المكلف ـ سواء كان خطابا أو ملاكا ـ فإذا كان العجز مانعا عن الخطاب الشرعي كان مانعا لا محالة عن حكم العقل بالتنجيز وحق الطاعة ـ كما اعترف به سيدنا الأستاذ قدس‌سره في تخريج عدم المنجزية في المقام على مسلك العلية ـ ومعه لا يكون العلم الإجمالي في المقام علما إجماليا بما يدخل في العهدة ويقبل التنجيز على كل تقدير بل بلحاظ ما يصلح للدخول في العهدة تكون الشبهة بدوية فلا يتوقف التأمين في المقام على اختلال الركن الثالث بل تجري حتى البراءة العقلية على القول بها.

ودعوى : انه بعد العلم بفعلية الملاك في أحد الطرفين يكون الشك في تحققه لو اقتحم الطرف المقدور فيحكم العقل بالاشتغال فيه لو لا الترخيص الشرعي.

مدفوعة : بأن المنجز عقلا ما إذا شك في تحصيل امتثال التكليف المعلوم تعلقه بفعل كما في موارد الشك في المحصل لا ما إذا كان الشك في تعلقه بالطرف المقدور أو غير المقدور كما في المقام فان هذا من الشك في التكليف وانه فيما يكون مقدورا ليكون منجزا أو فيما لا يكون مقدورا فلا يكون منجزا.

۵۲۴۱