القضية بشرط المحمول وانّ أريد بها العلم فهو أول الكلام فيكون الدليل عين المدعى نفسه وبمنهجة غير فنية لأنه التزم فيها بأنّ مرجع قضايا الحسن والقبح إلى قاعدة أولية بديهية هي حسن العدل وقبح الظلم وقد تقدم في بحث الدليل العقلي انّ قضية قبح الظلم وحسن العدل لا يمكن ان تكون أولية ـ لأنّ الظلم عبارة عن سلب ذي حق حقه فلا بدّ من تشخيص الحق الّذي هو من مدركات العقل العملي نفسه في المرتبة السابقة عليه.
الرابع ـ ما ذكره المحقق المذكور أيضا مبنيا على مصطلحه في باب الحكم والتكليف ، حيث انه قسم الحكم إلى إنشائي وحقيقي والأول ما يحصل بالجعل والإنشاء من دون ان يفرض فيه داعي البعث والتحريك الأمر المحفوظ حتى في الأوامر الاستهزائية فضلا عن الاختبارية ، والثاني ما يحصل بالجعل بداعي التحريك والبعث الحقيقي وهو الّذي يكون حكما حقيقيا. ومن الواضح انّ كل خطاب لا يعقل ان يكون باعثا إلاّ ان يصل إلى المكلف إذ لا يمكن ان يكون الحكم مجعولا بداعي البعث والتحريك إلاّ إذا كان وأصلا لعدم الباعثية في غير صورة الوصول اذن لا يكون الحكم حكما حقيقيا إلاّ في حالة وصوله ومن دون ذلك فلا وجود حقيقي للحكم فيقبح العقاب على تركه لأنه لا وجود له.
وفيه : أولا ـ انّ الإنشاء يمكن ان يكون محركا في حالة الوصول الاحتمالي بناء على سعة دائرة حق الطاعة ، فهذا الوجه يتوقف على دعوى ضيق حق الطاعة في المرتبة السابقة فلا يكون إلاّ مصادرة.
وثانيا ـ انّ غاية ما تقتضيه عدم وجود الحكم بالمعنى المذكور واما ملاكات الحكم ومباديه من المصلحة والمفسدة والإرادة أو الكراهة فهي أمور تكوينية محفوظة في حالات العلم والجهل معا وهذه المبادئ هي روح الحكم وحقيقته وهي تكفي للحكم بالمنجزية وحق الطاعة للمولى في موارد احتمالها سواء سمي ذلك حكما اصطلاحا أم لا ، فانّ ذلك بحث لفظي في التسمية بحسب الحقيقة.
وهكذا يتلخص انه لا أساس لقاعدة قبح العقاب بلا بيان فلا موجب للذهاب إلى البراءة العقلية في الشبهات بل العقل يحكم بلزوم الاحتياط فيها جميعا لأنّ حق إطاعة مولانا الحقيقي ثابت بنحو مطلق ما لم يحرز اذن المولى في المخالفة فيرتفع موضوع الحق