التخييرية يحتاج إلى دليل خاص ولا يكفي فيه الإطلاقات الأولية (١) نعم تقييد الخطاب الواقعي بالنحو الّذي أفاده المحقق النائيني لا يحتاج إلى دليل خاص بل يكفي فيه إطلاق دليل التكليف بعد ضمه إلى دليل رافعية الاضطرار بناء على منافاته مع الحرام الواقعي بأحد البيانين المتقدمين في إثبات التوسط في التكليف ، ولكنك عرفت عدم تمامية شيء منهما فالتكليف المعلوم بالإجمال باق على إطلاقه وانما التوسط في التنجيز فقط.

__________________

(١) أفاد السيد الأستاذ ( قدس‌سره الشريف ) ان هذا الاعتراض لو كان يورد على المحقق العراقي ( قده ) فأكبر الظن انه كان يعالجه على مبانيه بدعوى ان الدليل عليه نفس دليل التكليف التعييني لأنه بالمطابقة يدل على الحكم التعييني وبالالتزام يدل على الملاك وقد سقطت دلالته المطابقية بالاضطرار وتبقى الدلالة الالتزامية على الحجية بناء على مسلكه من عدم التبعية بينها وبين الدلالة المطابقية في الحجية وحينئذ نستكشف من بقاء الملاك الإلزامي خطابا بسد بعض أبواب العدم بعد ان وجد مانع عن الخطاب الّذي يسد جميع أبواب العدم ، وهذا نظير ما يقال في جملة من الموارد التي لا يكفي المدلول المطابقي للدليل فيها لتحصيل الملاك من استكشاف الخطاب من ناحية فعلية الملاك كما في خطاب وجوب حفظ القدرة.

أقول : لا وجه لاستكشاف الخطاب التخييري لأن الملاك المستكشف بالملازمة تعييني أيضا وهو يقتضي الخطاب التعييني والتنجيز التعييني أعني تنجيز الموافقة القطعية فإذا ما سقط الخطاب التعييني والتنجيز فلا وجه لاستفادة خطاب آخر كما لا وجه لبقاء التنجيز فان العلم الإجمالي بعد ان كان علة تامة للموافقة القطعية وعدم جواز المخالفة الاحتمالية وهو مناف مع الترخيص التخييري الثابت بالاضطرار فهذا لا يختلف حاله بين كون المعلوم خطابا شرعيا أو ملاكه ، نعم يبقى دعوى الشك في القدرة على تحقيق الملاك المعلوم من خلال الاجتناب عن الطرف الباقي وقد عرفت انه ليس من الشك في القدرة على الامتثال لكي يجب الاحتياط فيه عقلا. أو دعوى منجزية الملاك المعلوم بمرتبة حرمة المخالفة القطعية وان لم يكن منجزا بمرتبة وجوب الموافقة القطعية وهذا بحسب الحقيقة رجوع إلى الاعتراض الموجه ضد أصل دعوى التوسط في التكليف بناء على مسلك العلية وانه حتى على هذا المسلك يكون من التوسط في التنجيز مع فعلية الخطاب الواقعي فضلا عن الملاك.

وإن شئت قلت : بان امتثال الملاك الواقعي لا يتوقف على ترك الفرد الآخر كما في موارد حفظ القدرة ليستكشف خطاب آخر بوجوبه ـ لو سلمت كبرى هذا الاستكشاف ـ فان أريد من الخطاب التخييري المستكشف بالملاك خطاب واقعي فهو خلف عدم التوقف واقعا ، وان أريد به خطاب ظاهري فهذا يرد عليه.

أولا ـ لا تقتضيه تلك الكبرى المزعومة في استكشاف الخطاب من الملاك لأن المدعى فيها استكشاف خطاب من سنخ الملاك وعلى أساس التوقف وثانيا ـ هذا مخالف مع مفاد أدلة الأصول الترخيصية لأنها تنفي بحسب الفرض هذه المرتبة من الحفظ لأغراض المولى أعني الحفظ في طول حصول الجهل والتردد ولا تكون نسبة أدلة الأصول إليه حينئذ كنسبتها إلى الحكم الواقعي المعلوم بالإجمال كما هو واضح.

ثم انه يمكن تصوير التوسط في التكليف بإرجاع القيد إلى المتعلق ـ كما يريد المحقق العراقي ( قده ) ـ في خصوص باب الخطاب التحريمي بإرجاع ارتكاب الطرف الآخر ـ وهو شرب الطاهر في المثال ـ قيدا في الحرام لا في الحرمة فالمحرم من أول الأمر خصوص شرب النجس مع شرب الطاهر بنحو التقييد مع بقاء الحرمة على إطلاقها إذ لا وجه في خطاب الحرمة لرفع اليد عن إطلاق الحرمة والحرام معا وانما ترجع القيود إلى الحرام دائما مع بقاء الحرمة على إطلاقها بل هذا هو المتعين فيثبت من أول الأمر حرمة تلك الحصة من شرب النجس المقيدة بشرب الطاهر وهو معنى لزوم ترك أحدهما تخييرا ، نعم لا يتم ذلك في باب الخطاب الوجوبيّ كما لا يخفى وجهه.

۵۲۴۱