فلا يجوز الترخيص في بعض الأطراف أيضا ، ولهذا كان يقبل من يرى تعلق العلم الإجمالي بالجامع عليته لحرمة المخالفة القطعية.

وبكلمة أخرى : ان المعلوم بالعلم الإجمالي ان كان هو الجامع فلا مقتضي لأصل وجوب الموافقة القطعية ، وان كان هو الواقع فلا بد من افتراض تنجزه على نحو العلية لأن هذا شأن كل معلوم مع العلم.

وهذا الاستدلال كما ترى ليس برهانا في واقعه ، إذ للخصم ان يميزبين تنجيز العلم الإجمالي للجامع فيقول بأنه على نحو العلية لأن الجامع معلوم تفصيلا وتنجيزه للواقع في كل من الطرفين فيقول بأنه على نحو الاقتضاء لكونه غير معلوم تفصيلا بل مرددا وإجمالا (١).

والصحيح : ما عرفت في منهج هذا البحث من ان تأثير العلم التفصيليّ فضلا عن الإجمالي في التنجيز ليس بنحو العلية بل معلق على عدم الترخيص الشرعي غاية الأمر لا تكون مرتبة الترخيص الشرعي محفوظة في مورد العلم التفصيليّ بخلاف العلم الإجمالي حتى بلحاظ الجامع والمخالفة القطعية.

واما اتجاه الاقتضاء الّذي نسب إلى المحقق النائيني ( قده ) فلم يذكر في الاستدلال عليه سوى عبائر تدل على تكرار دعوى ان الممتنع انما هو الترخيص في المخالفة القطعية ، وليس الترخيص في بعض الأطراف ترخيصا في المخالفة القطعية ، وهذا كما ترى لا يشكل برهانا على هذا الاتجاه بل عرفت ان تشخيص ما هو المعصية للمولى فرع تحديد منجزية العلم الإجمالي وانها معلقة على عدم الترخيص أم لا ، فلا بد من تحديد هذه النقطة والتي عرفت ما هو الصحيح فيها.

ثم انه قد نقض المحقق النائيني على الاستدلال المتقدم من المحقق العراقي بان العلم الإجمالي ليس بأشد من العلم التفصيليّ والعلم التفصيليّ يعقل الترخيص في المخالفة

__________________

(١) بالإمكان إرجاع استدلال المحقق العراقي إلى وجه فني صحيح على مبانيه حاصله : ان العلية لها أحد منشأين : أحدهما ـ ان يكون حكم العقل بالتنجيز فعليا لا معلقا على عدم الترخيص الشرعي. الثاني : ان لا تكون مرتبة الحكم الظاهري محفوظة فلا يعقل الترخيص الشرعي فيه نفسه. والمنشأ الثاني قد أثبت المحقق العراقي انه على حد واحد في طرف واحد أو تمام الأطراف لانحفاظ ملاك جعل الحكم الظاهري فيهما معا ، والمنشأ الأول ملاكه حكم العقل بالمولوية وحق الطاعة وهو إن كان تعليقيا كان كذلك في تمام الموارد وان كان تنجيزيا فكذلك وحيث انه تنجيزي في مورد المخالفة القطعية باعتراف القائلين بالاقتضاء أنفسهم فلا بد وان يكون كذلك بلحاظ الموافقة القطعية أيضا ، وهناك عبائر في تقريرات هذا المحقق تشعر بان هذا هو واقع مرامه.

۵۲۴۱