الوجه الرابع ـ ما قد يظهر من بعض كلمات المحقق الأصفهاني ( قده ) وهو مركب من مقدمتين :
الأولى ـ ان ترك الموافقة القطعية بمخالفة أحد الطرفين يعتبر مخالفة احتمالية للجامع لأن الجامع ان كان موجودا ضمن ذلك الطرف فقد خولف والا فلا
الثانية ـ ان المخالفة الاحتمالية للتكليف المنجز غير جائزة عقلا ، لأنها مساوقة لاحتمال المعصية وحيث ان الجامع منجز بالعلم الإجمالي فلا تجوز مخالفته الاحتمالية.
وفيه : مانع المقدمة الأولى ، فان الجامع إذا لوحظ فيه مقدار الجامع بحده فقط لم تكن مخالفة أحد الطرفين مع موافقة الطرف الآخر مخالفة احتمالية له ، لأن الجامع بحده لا يقتضي أكثر من التطبيق على أحد الفردين والمفروض ان العلم واقف على الجامع بحده وان التنجز تابع لمقدار العلم فلا مخالفة احتمالية للمقدار المنجز أصلا.
واما الأمر الثاني ـ فالتحقيق التفصيل بين مثل العلم الإجمالي بوجوب الجمعة أو الظهر الّذي هو الشبهة ـ حكمية ومثل العلم الإجمالي بوجوب إكرام زيد أو عمرو بنحو الشبهة الموضوعية للعلم بان أحدهما عالم يجب إكرامه لأنه في الأول لا يعلم الا بوجوب إحدى الصلاتين واما الخصوصية فلم تدخل في العهدة ، واما في الثاني لا بد من إكرام كليهما لأننا علمنا بوجوب إكرام العالم فخصوصية إكرام العالم داخلة في العهدة فيجب تحصيلها وموافقتها القطعية التي لا تكون الا بإكرامهما معا.
وقد يناقش في ذلك بعدم الفرق بين الشبهتين لأن الحكم لا يتنجز الا بوصوله كبرى وصغرى ، فكما انه في الشبهة الحكمية تكون الكبرى مرددة ويكون المقدار المعلوم منها هو الجامع فلا يتنجز الا الجامع كذلك في الشبهة الموضوعية تكون الصغرى مرددة ويكون المقدار المعلوم منها هو الجامع وان كانت الكبرى معلومة تفصيلا لأن وصول الحكم لا يكون الا بوصول كبراه وصغراه والمفروض ان الصغرى لم تصل الا بمقدار الجامع الأكثر إذ لا يعلم الا ثبوت العلم لأحدهما لا هذا بالخصوص أو ذلك
__________________
تفسير لهذا الفرق الوجداني وليس الفرق الا في العلم بعنوان انتزاعي ينطبق على الواقع بحده. وإن شئت قلت : إمكان الإشارة إلى الخارج زائدا على المقدار الجامع وهذا كاف في نظر العقل لتنجزه ولزوم الفراغ عنه يقينا وان كان كل طرف بعنوانه التفصيليّ مشكوكا وهذا بخلاف موارد الشبهات البدوية ولعل هذا هو مقصود المحقق العراقي من تعلق التنجز وترتبه على الواقع وإن كانت عبارة التقرير خلافه.