بلا مؤمن شرعي ولا عقلي فيتنجز التكليف المعلوم بالإجمال (١).
وفيه : أولا ـ ما سوف يأتي من اقتضاء العلم الإجمالي لوجوب الموافقة في بعض الشبهات.
وثانيا ـ لا معنى لافتراض التعارض والتساقط في البراءة العقلية وحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، إذ لا منافاة أصلا بين تنجز الجامع وعدم تنجز كل من الخصوصيّتين المقتضي لحكم العقل بان حق طاعة المولى في موارد العلم الإجمالي انما هو بمقدار الجامع لا أكثر فمن أول الأمر نجري البراءة فيما زاد على الجامع لا في كل من الطرفين وإيقاع المعارضة بينهما بل يستحيل ذلك إذ لا معنى لوقوع التعارض في حكم العقل فان كان ملاك حكم العقل هو عدم البيان تاما في كل من الطرفين استحال التصادم بين البراءتين والا لم تجر البراءة لعدم المقتضي لا للتعارض.
وان شئت قلت : انه لا مانع ولا محذور في ان يكون ترك كل طرف من حيث انه ترك لتكليف مشكوك مؤمنا عنه وموردا للبراءة العقلية ولكن إذا جمع بين التركين كان معاقبا بلحاظ تركه للجامع المعلوم فيتنجز الوجوب بمقدار إضافته إلى الجامع لأن هذا هو المقدار الّذي تم عليه البيان وهذا التبعيض غير صحيح في البراءة الشرعية لأنها مفاد دليل لفظي تابع لمقدار ظهوره العرفي وهو لا يساعد على ذلك على ما سوف يأتي الحديث عنه مفصلا.
الوجه الثاني ـ ما ذكره المحقق العراقي من ان العلم الإجمالي فرقه عن العلم التفصيليّ في انه عارض على الصورة الذهنية بحدها الإجمالي المبهم لا التفصيليّ الا ان هذين الحدين الإجمالي والتفصيليّ انما هو بلحاظ ما في الذهن من الصور لا بلحاظ الخارج فانه ليس فيه الا حد واحد هو الحد الشخصي ، وعليه فبلحاظ عالم الذهن لا يمكن ان يسري العلم الإجمالي العارض على الحد الإجمالي إلى الحد التفصيليّ ، لأن الحدين متباينان وكل منهما معروض لأحد العلمين ويستحيل ان يسري أي عارض إلى غير معروضه. الا انه بلحاظ التنجيز فحيث ان التنجيز حكم عارض على الواقع لا على الصورة الذهنية كالعلم فلا يقال فيه انه يستحيل ان يسري من الحد الإجمالي إلى
__________________
(١) أجود التقريرات ، ج ٢ ص ٢٤٢.