وفيه : انَّ الاستقرار والطمأنينة يعني عدم الاضطراب والترجح يمنة ويسرة وهذا غير الكون في المكان المغصوب ولهذا يمكنه أَنْ ينتقل من مكان إلى آخر دون الإخلال بالطمأنينة.
وقد يقال : بأنَّ الهويّ إلى الركوع أو السجود تصرف وحركة في ملك الغير وفضائه وهو محرم أيضاً. والجواب : انَّ الهويّ ليس جزءاً من الصلاة وإِن كان مقدمة لبعض اجزائه.
وهكذا يتضح : انَّ هذه البيانات كلها لم تنجح لتصوير مركز اجتماع بين المأمور به والمنهي عنه.
نعم هناك أمر رابع ربما يكون بلحاظه الاجتماع وهو مربوط بتحقيق معنى السجود ، فانه قد يقال : انَّ السجود ليس عبارة عن مجرد التَّماس بين الجبهة والأرض وانما فيه معنى وضع الجبهة على الأرض الّذي هو نحو إلقاء الثقل على الأرض وهو نوع تصرف فيها ، وحينئذ إِنْ قلنا بجواز الاجتماع على أساس الملاك الثالث أو الثاني فبعد أَنْ عرفت انَّ المحرم ليس هو عنوان الغصب بل واقع الفعل الّذي يتحقق به الغصب ـ وهو إلقاء الثقل في المقام ـ يظهر عدم انطباق شيء من الملاكين للجواز هنا ، نعم لو قبلنا الملاك الأول القائل بأنَّ الأمر بصرف الوجود لا يتنافى مع النهي عن الفرد والحصة جاز الاجتماع في المقام. وهكذا يتضح : انَّ الاجتماع انما يمكن ادعاه بلحاظ السجود ووضع الجبهة على الأرض في الصلاة فما لا سجود فيه بهذا النحو من الصلوات لا يكون من تطبيقات هذه المسألة أي من زاوية مسألة امتناع الاجتماع لا محذور فيها وإِنْ كان من الزاوية الفقهية قد يستدل ببعض الروايات على بطلان الصلاة في المكان المغصوب ، والبحث عنه في ذمة علم الفقه.
بعد هذا يقع البحث في تنبيهات مسألة الاجتماع ، وقد أدرجنا فيها جملة من البحوث التي قدمت في كلمات المحققين على استعراض أصل المسألة لما وجدناه من انَّ تحقيق تلك الأمور متفرع على فهم أصل مسألة الاجتماع وملاكات الجواز والامتناع فيها.