( أكل مال الغير ) وغير ذلك مما دلت الآيات والروايات على حرمتها ، وعنوان الغصب ليس بنفسه مركز النهي ومصبه ، وعليه فالحرام في مكان راجع إلى الغير انما هو التصرف فيه بتغيير أو بالكون فيه وإشغال حيِّزٍ منه أو بإلقاء الثقل عليه ونحو ذلك.
فلا بدَّ وأَنْ نرى انَّ هذه العناوين يتَّحد شيء منها مع فعل من افعال الصلاة أم لا؟ فنقول :
الصلاة تشتمل على عدة أمور :
منها ـ النية والقصد ، ولا إشكال في انه ليس شيئا من العناوين المحرمة المذكورة.
ومنها ـ ما هو من مقولة فعل اللسان ، كالقراءة والتسبيح والتهليل والذّكر ، وهذا أيضا ليس مصداقا لشيء من العناوين المحرمة.
ودعوى : انَّ القراءة يستوجب تحريك الهواء وتموّجه وهو تصرف في فضاء ملك الغير وهوائه.
مدفوعة : أولاً ـ بأنَّ القراءة أو الصوت ليس عين التموج في الهواء وانما يحصل بسببه فيكون التموّج علّة لحصول الصوت والقراءة لا نفسها.
وثانياً ـ لو سلّمنا انه نفس التموج فلا دليل على حرمة التصرف في هواء ملك الغير فانَّ الإنسان يملك الفضاء لا الهواء الّذي فيه ، ولهذا يجوز سحبه وتغييره أو سحب جزء من خارجه.
وثالثاً ـ لا دليل على حرمة هذا المقدار من التصرف ، فانه بحسب نظر العرف ليس هذا تصرفاً أو تغييراً في ملك الغير ليشمله دليل حرمة التصرف ، خصوصاً بعد أَنْ لم يكن هناك دليل لفظي مطلق.
ومنها ـ ما يكون من مقولة افعال الجوارح كالركوع والسجود والقيام ، فيقال : بأنَّ هذه الأفعال بنفسها تصرف في المكان المتعلق بالغير.
وفيه : انَّ القيام والركوع والسجود بما هي افعال المصلي تصرف في جسم الراكع والقائم والساجد لا في ملك الغير ، نعم كون المصلي في ملك الغير تصرف فيه إلاّ أنَّ هذا الكون ليس جزءاً من أفعال الصلاة.
وقد يقال : انَّ من الأفعال الاستقرار وهو كون في المكان المغصوب.