فانه بذلك لا يخرج عن كون مدلول اللفظ معقولاً أولياً لا ثانوياً. فالصحيح ما عليه المشهور والمتطابق مع الوجدان العرفي القاضي بدلالة اللام على التعين حتى في موارد لام الجنس. ولكن ليس المراد من هذا التعيين الذهني محض الوجود في الذهن لوضوح انه بذلك لا يصبح المعنى معرفة ولهذا لم يتوهم انقلاب الكلمات إلى معارف من ادعى وضعها للمعنى المقيد باللحاظ الاستقلالي أو الآلي ذهنا. وانَّما المراد من التعين هنا تطبيق الصورة الذهنية على الانطباقات المألوفة سابقاً للذهن فالأسد له انطباعات معيّنة في ذهن الإنسان مثلاً واللام تدلّ على ماهية الأسد ومعناه بذلك النحو المعروف المألوف في الانطباعات السابقة وهذا كأنَّه يشبه العهد الذهني ولكنه في المقام نوعي وليس شخصياً.
وهناك حالة أخرى لاسم الجنس وهي حالة العلمية وتسمى بعلم الجنس كأسامة. والوجدان العرفي على إبهامه وإجماله يحس بالفرق بينه وبين اسم الجنس فهناك فرق بين أسد وبين أسامة ، فما هو حقيقة هذا الفرق؟ يمكن أَن نذكر بشأنه احتمالات ثلاثة :
١ ـ ولعله أقربها ، انَّ التعين الذهني الجنسي الّذي تدل عليه لام الجنس حينما تدخل على اسم الجنس مستبطن في نفس مدلول علم الجنس ومن أجل أخذ هذا التعين في مدلوله أصبحت الكلمة معرفة لأنها في قوة المعرف باللام ولكن بوضع واحد لا بوضعين.
٢ ـ ولعله أضعفها ، انَّ علم الجنس قد أخذ فيه الإطلاق وتجرد الطبيعة عن القيد وهذا نحو تعين في الماهية وتقليل في إهمالها.
وهذا الاحتمال بعيد لأنَّ مجرد أخذ الإطلاق لا يجعله معرفة فانَّ الطبيعة التي تلحظ بلا قيد لا تكون معرفة ولهذا لم يقل أحد من القائلين بأخذ الإطلاق في مدلول اسم الجنس بأنه يصبح معرفة ولم ينقض أحد عليهم بذلك فكأن المسلّم بينهم انَّ هذا المقدار لا يصيّر الكلمة معرفة ولا يخرجها عن إهمالها.
٣ ـ انَّ أعلام الأجناس في بداية نشوئها في اللغة كانت أعلاماً لحيوانات شخصية طوطمية معينة كانت مقدسة لدى قبيلة أو قوم وبعد أَن انتهت ظروف التقديس بقي