بحسب شئونها وحدودها وتشخصها الماهوي متميزة عن غيرها ومتعينة واقعاً والمراد إفادة هذا اللون من التعين ولا يلزم منه ذهنية المعنى.

وفيه ـ انه إِن أُريد مفهوم التعين الماهوي فمن الواضح انه كسائر المفاهيم في أسماء الأجناس مفهوم غير معين واقعاً فضمه إلى مفهوم غير معين لا يفيد تعريفاً بل تحصيص ، وإِن أُريد منشأ انتزاع التعين أي ما به تتعين الماهية فهي في الماهيات حدودها وهي داخلة في مدلول اسم الجنس المدخول للاّم فلم تزد اللام شيئاً على مدخولها.

والصحيح في الجواب ما حققناه سابقاً حينما كان لصاحب الكفاية ( قده ) إشكال مشابه على أخذ الإطلاق قيداً في المعنى الموضوع له اسم الجنس من استلزام ذهنية المعنى وعدم انطباقه على الخارج. وحاصل الجواب : انه لو كان المقصود أخذ مفهوم التعين الذهني أو المتعين في الذهن قيداً فهو غير صالح للحكاية إِلاَّ عن الذهن لا الخارج لكونه معقولاً ثانوياً انتزع عما في الذهن ، ولكن هذا ليس هو المدعى كيف ومفهوم التعين نكرة بنفسه سواءً أُريد به التعين في الذهن أو الخارج ، وانما المأخوذ واقع التعين الذهني بمعنى انَّ الواضع حينما وضع اللفظ كان لا بدَّ له أَن يتصور المعنى ليقرن بينه وبين اللفظ وامّا المعنى بلا تصور فلا يمكن قرنه باللفظ وفي المقام قد قرن بين اللفظ وبين الصورة الذهنية بما هي متعينة ولا يلزم منه عدم انطباقه على الخارج فانَّ هذه الصورة المتعينة بطبيعتها حاكية عن الخارج لأنها منتزعة عنه ، وكأنه وقع خلط بين أخذ مفهوم من المعقولات الثانوية في مدلول اللفظ وبين أخذ مفهوم من المعقولات الأولية بما له من الشئون والخصوصيات في العقل الأول في مدلول اللفظ (١) ،

__________________

(١) هذه الخصوصيات والشئون إذا كانت راجعة إلى اللحاظ والوجود الذهني في المعقول الأول فلا يمكن أخذها في مدلول اللفظ الّذي هو امر تصوري لأنَّ الموضوع له ذات المعنى لا المعنى المقيد بالوجود أو ما هو شأن من شئون الوجود لا ذهناً ولا خارجاً وان كانت راجعة إلى المتصور والملحوظ فلا معهودية ولا تعين للماهية الملحوظة زائداً على تعينها الذاتي المفاد باسم الجنس والأولى على ضوء ما تقدم ان يقال : بأنَّ المفهوم تارة لا يضاف في الذهن إلى الخارج وهذا هو اسم الجنس من دون تنوين ولا لام ، وأخرى يشار به إلى الخارج ولكن إلى خارج غير متعين أي إشارة بنحو بدلي وهذا هو اسم الجنس مع التنوين ، وثالثة يشار به إلى الجنس الموجود في الخارج فيما إذا كان هو محط الغرض لا الخصوصيات وهذا هو موارد لام الجنس ، فالتعيين يراد به الإشارة إلى الخارج المعين وهذا محفوظ في لام الجنس وانَّما الاختلاف عن موارد التعين الخارجي في طبيعة المشار إليه لا في الإشارة نفسها فانَّها حاصلة في المقامين ولعل هذا مقصود المحقق الأصفهاني ( قده ).

۴۵۵۱