وتخريج هذا التقديم فنيّاً مع كون استفادة المفهوم بنحو السالبة الكلية أيضاً بالإطلاق ومقدمات الحكمة يمكن أَنْ يكون بأحد وجوه :
١ ـ انَّ تقديم العام على المفهوم يلزم منه إلغاء ظهور القيد أو الشرط في أصل القيدية أو التوقف وهذه دلالة وضعية في الجملة المشتملة على أداة المفهوم فتكون مقدمة على العام وصالحة لتخصيصه لا محالة.
وهذا الوجه لا يبرر تقديم المفهوم على العام وتخصيصه به ، بل غاية ما يقتضيه عدم ثبوت الجعل بنحو العموم بل هناك مخصص له إجمالاً لكي لا يلزم لغوية القيد لا اختصاص الحكم بمورد القيد أو الشرط ولهذا لو فرض وجود قدر متيقن للانتفاء لم يلزم من حجية العام في الباقي مخالفة الظهور الوضعي المذكور ، بل الظهور الوضعي المذكور لا يقتضي التقييد حتى بهذا المقدار وانما يقتضي الالتزام بتعدد الحكم إِنْ لم يفرض برهان أو إجماع أو استظهار يقتضي وحدة الحكم وإلا ثبت التقييد ولو لم يكن للجملة مفهوم.
٢ ـ انَّ المفهوم وإِنْ كان ثابتاً بالإطلاق ومقدمات الحكمة إِلاَّ انه إطلاق في طرف الحكم لا الموضوع لأنه إطلاق في العلّية أو التوقف المقتضي لكون الترتب مطلقاً أي منحصراً مثلاً أو كون التوقف في تمام الحالات وامّا موضوع القضية بالمعنى الأصولي للموضوع أي ما أُخذ مفروض الوجود فهو خاص لأنَّ الشرط قيد للموضوع بحسب اللّب ، وهذا بخلاف العموم في العام فانه ثابت في طرف موضوع الحكم ، ويدعى :
انه كلما وقع تعارض بين إطلاق في طرف الحكم مع إطلاق في طرف الموضوع قدم الأول على الثاني وخصص الأعم موضوعاً بالأخص موضوعاً.
وهذا الوجه غير تام أيضاً ، لأنَّ مجرد كون مركز الإطلاق الحكم أو الموضوع لا يكون ملاكاً للتقديم عرفاً.
٣ ـ انَّ الإطلاق في طرف المفهوم يقتضي التضييق والتعيين بخلاف الإطلاق في العام فانه يقتضي التوسعة وكلما كان أحد الإطلاقين المتعارضين كذلك قدم الأول على الثاني نظير ما إذا كان مقتضى الإطلاق في ( أكرم العالم ) الانصراف إلى زيد لكونه أشهر الافراد مثلاً فانه مقدم على إطلاق ( لا تكرم بني فلان ) الّذي أحدهم