وامّا القسم الثاني ـ وهو ما إذا كان العام أخص من المنطوق فهنا ثلاث صور :
١ ـ أَنْ يكون المفهوم لازماً لإطلاق المنطوق المعارض مع العام. وفي مثله لا إشكال في تخصيص المنطوق بالعامّ فيرتفع إطلاقه المعارض معه.
وبذلك يسقط المفهوم أيضاً سواءً كان أخص من العام أم لا فحال هذه الصورة حال ما إذا لم يكن في البين مفهوم أصلاً.
٢ ـ أَنْ يكون المفهوم لازماً لإطلاق المنطوق المفترق عن العام وفي هذه الحالة سوف يكون العام الأخص من المنطوق معارضاً معه في تمام دلالته المجتمعة معه والمفترقة إحداهما بالمباشرة والأخرى بالملازمة ومعه لا يصلح للتخصيص بل يكون التعارض بنحو التباين والتساقط لا محالة.
٣ ـ أَنْ يكون المفهوم لازماً لأصل المنطوق أي لثبوت مفاده ولو في مورد واحد.
وفي هذه الصورة يحكم بتخصيص العام بالمفهوم أولا ـ ولو لم يكن أخص مطلقاً منه ـ ثم تخصيص المنطوق بما تبقى من مفاد العام ، وذلك باعتبار انَّ المفهوم بحسب الفرض ملازم لأصل مفاد المنطوق فيكون بمثابة تصريح الدليل به فانه قد تقدم في تعريفنا لمفهوم الموافقة انه قائم على أساس أولوية أو ملازمة عرفية للخطاب. فيكون في قوة التصريح به فيتقدم على إطلاق العام ما لم يلزم منه محذور كالتخصيص المستهجن.
وامّا القسم الثالث ـ وهو أَنْ يكون بين المنطوق والعام عموم من وجه فهنا صور :
١ ـ أَنْ يكون المفهوم لازماً لأصل المنطوق أي لثبوته ولو في مورد واحد وهذه الصورة تحتها حالتان :
الأولى ـ أَنْ يكون المفهوم مستوعباً لمورد افتراق العام عن مورد التعارض مع المنطوق بحيث لا يمكن تخصيص العام بمجموع المفهوم والمنطوق معاً.
والحكم في هذه الحالة تخصيص العام بالمفهوم أولا ثم تخصيص المنطوق بالعامّ.
ويمكن أَنْ يذكر في تقريب ذلك وجهان :
الوجه الأول ـ أَنْ إطلاق المنطوق في مورد اجتماعه مع العام وإطلاق العام في مورد افتراقه عن المنطوق يعلم بسقوطهما على كل حال لاستلزامهما إلغاء الدليل الاخر رأساً فيكون الدليل الاخر بحكم الأخص منه من هذه الناحية.