وبهذا اتضح : انَّ مجرد تصوير معنى وضعي لأدوات الخطاب بحيث تصلح بناءً عليه أَنْ تكون شاملة للغائبين والمعدومين ـ كما صنعه السيد الأستاذ ـ لا يكفي لإثبات شمول الخطابات لهم فانَّ ما هو المهم والمفيد انَّما هو شمول المدلول التصديقي للكلام وهو قصد التفهيم والمخاطبة للغائبين والمعدومين فإذا فرض اختصاصه بالمشافهين بمقتضى الظهور السياقي والحالي كان الخطاب خاصاً بهم لا محالة.

وهذا هو الصحيح فانَّ الخطابات تكون ظاهرة في الاختصاص بالحاضرين ما لم تقم قرينة عامة أو خاصة على التوسعة.

ثم انَّ المحقق النائيني ( قده ) قد فصل في المقام بين ما إذا كان الخطاب مجعولاً على نهج القضية الخارجية فيختص بالمشافهين وما إذا كان مجعولاً على نهج القضية الحقيقية فيعم الغائبين والمعدومين لأنَّ القضية الحقيقية تستبطن بنفسها تقدير وجود الغائبين والمعدومين وتنزيلهم منزلة الموجودين فيشملهم الخطاب.

وفيه :

أولاً ـ انَّ تقدير الموضوع في القضية الحقيقية لا يعني تقدير وجود الافراد بالفعل وفي مقام المخاطبة ، بل يعني تقديرهم موضوعاً للحكم كل في ظرف وجوده فهذا خلط بين تقدير الغائب والمعدوم موضوعاً للحكم في القضية الحقيقية المفادة بالخطاب وبين تقديرهما موجودين ومخاطبين بالخطاب بما هو كلام.

وثانياً ـ لو سلمنا استبطان القضية الحقيقية تنزيل الافراد المعدومين والغائبين منزلة الموجودين في مقام المخاطبة مع ذلك لم يجدِ في شمول الخطاب لهم ، لأنَّ التنزيل انما يجدي في ترتيب الآثار الشرعية المترتبة على المنزل عليه والمخاطبة أمر تكويني لا يقبل الترتب بالتنزيل (١).

بقي في المقام البحث عن الثمرة المترتبة على القول باختصاص الخطاب فنقول قد ذكر لهذا البحث ثمرتان.

__________________

(١) لو كان مقصود المحقق النائيني ( قده ) ان سياق القضية الحقيقية بلحاظ كل مكلف يدل على ان المدلول التصديقي للخطاب يعم الغائبين أيضاً وانَّ المقصود بالإفهام كل من يبلغه الخطاب لم يرد عليه شيء من الاعتراضين.

۴۵۵۱