هو المنظور التصوّري وامَّا الصورة الذهنية بحسب النّظر التصديقي فليس بمطلوب ولا محبوب أصلاً. وحينئذ سوف يكون الحكم والحبّ في عالم النّفس وبحسب لحاظ المولى متعلقاً بالصورة الذهنية بالحمل الأوّلي والنّظر التصوّري الّذي لا يرى به إِلاّ الماهية فإذا كانت الماهية والمنظور التصوّري واحداً ـ ولو ضمن وجودين ذهنيين ـ فيستحيل أَنْ يتعلّق الحبّ والبغض والأمر والنهي بها لأنَّه بحسب هذا النّظر واللحاظ الّذي هو نظر المولى في مقام الحكم ومبادئه يلزم التهافت والتضاد فيكون مستحيلاً أيضا ، فليست الاستحالة منحصرة بما إِذا كان الوجود الذهني المعروض للأمر والنهي بالحمل الشائع واحداً فقط.
وامَّا الدعوى الثانية فتقريبها : انَّ الأحكام الشرعية وإِنْ كانت متعلقة بالصور الذهنيّة وبالعناوين في أُفق النّفس أو عالم الاعتبار إِلاّ انَّها انَّما تتعلّق بها بما هي فانية في المعنونات الخارجية إذ لو لا هذا الفناء لما كان يريد المولى شيئاً من هذه العناوين فالمتعلّق المطلوب للمولى هو المعنون الخارجي ، وعلى هذا فلا بدَّ من تعدد الوجود الخارجي لمتعلّق الأمر والنهي كي لا يلزم التضاد وإِلاّ فالتضاد حاصل ولو كانت العناوين والمرايا متعددة ، ومن هنا قالوا انَّ الميزان في الامتناع والجواز تشخيص أنَّ تعدد العنوان بعدد المعنون أم لا؟ أي انَّ التركيب بين معنون متعلّق الأمر مع معنون متعلّق النهي اتحادي أو انضماميّ فانْ كان اتحاديّاً بأنْ كان هناك معنون واحد امتنع الاجتماع وإِنْ كان انضماميّاً جاز الاجتماع. وكأن هذا المقدار من البيان يشترك فيه المحقّق الخراسانيّ والنائيني ( قدهما ) والسيد الأستاذ فإنَّهم جميعاً يتّفقون على أصل هذه الدعوى وانَّ الأحكام متعلّقة بالعناوين بما هي فانية في الخارج وانَّما يختلفون في التطبيق وبعض النتائج ، فالمحقّق الخراسانيّ ( قده ) يدّعي انَّ الخارج واحد وانَّ تعدد العنوان لا يؤدّي إلى تعدد المعنون (١) ـ وهذه مقدمة أخرى غير أصل الدعوى يذكرها في برهانه على الامتناع المؤلّف من عدة مقدمات ـ والمحقق النائيني ( قده ) يدّعي انَّ تعدد العنوان يوجب تعدد المعنون إِذا كان العنوانان بنحو العامين من وجه ، كعنواني
__________________
(١) كفاية الأصول ، ج ١ ، ص ٢٤٠