يكون حالها حال أصل الملاك من حيث عدم تقييد الخطاب به لكون المولى متصدياً لإحرازه في موضوع جعله ، ومثل هذا لا يعقل افتراضه في المقام فانَّ استفادة جعل شخصي في زيد بالخصوص يلزم منه أَنْ يكون خطاب العام متكفلاً جعلين أحدهما جعل وجوب الإكرام على الفقراء العدول بتوسط عنوان كل فقير عادل والاخر جعل شخصي لوجوب إكرام زيد على كل حال وهو واضح البطلان فانَّ خطاب العام لا يتكفل إِلاّ جعلاً واحداً بتوسط عنوان العام على نهج القضية الحقيقية اللهم إِلاّ أَنْ نرجع الجملة إلى خبرية فيمكن أَنْ تكون إخباراً عن جعول متعددة وقد عرفت فساد ذلك أيضا.
وامَّا الثاني فلأنَّ الحكم الظاهري يختلف عن الحكم الواقعي في مرحلة الجعل حيث يكون موضوعه الشك في الحكم الواقعي ، وحينئذٍ لا يعقل أَنْ يكون عموم العام في الفرد المشكوك كونه من افراد المخصص دالاًّ على وجوب إكرامه الظاهري لأنه لو دل على وجوب ظاهري فعلي فيه كان إخباراً وإِنْ كشف عن جعله فيه على حد جعل الوجوب الواقعي في الفقير العادل فهو غير معقول لأنَّ كل خطاب لا يتحمل إِلاَّ الكشف عن جعل واحد وهو امّا أَنْ يكون واقعياً لم يؤخذ في موضوعه الشك أو يكون ظاهرياً أخذ في موضوعه ذلك.
ويمكننا أَنْ نستخلص من مجموع ما تقدم انَّ التمسك بالعامّ في الشبهة المصداقية لمخصصه غير صحيح لأنَّ ذلك انما يتصور بأحد أنحاء أربعة كلها غير تامة.
النحو الأول ـ أَنْ يراد التمسك بالعامّ في الفرد المشكوك بلحاظ الشبهة الحكمية أَي لإثبات جعل يمكن تطبيقه على الفرد المشكوك وهذا هو النحو الّذي عالجه المحقق النائيني ( قده ) مبنياً على تعنون العام ثبوتاً بغير عنوان الخاصّ بالبرهان المتقدم شرحه حيث انه لو أُريد التمسك به لإثبات الجعل المطلق فهو خلف التخصيص وإِنْ أُريد التمسك به لا ثبات الجعل المقيد فلا يحرز انطباقه على الفرد المشكوك.
وقد ناقش المحقق العراقي ( قده ) في التعنون المذكور بنقاش نقضي وحلّي (١).
__________________
(١) مقالات الأصول ، ج ١ ، ص ١٤٩ ـ ١٥٠