الطرفين على حد واحد لو فرض فعلية شرطهما واقعاً بحيث لا تتعين في أحدهما المعين لا ضير فيه ، فانَّ عدم تعين العلم الإجمالي واقعاً لا محذور فيه بلحاظ المنجزية العقلية وانما المحذور في عدم تعين موضوع الجعل والحكم الشرعي أو العقلائي كما هو واضح وهو متعين في المقام في أحد الفردين أو كليهما فلا إهمال فيما هو المجعول.

وهذا الوجه صحيح ومعقول طالما افترض تمامية المقتضي له في مرحلة الإثبات وانَّ السيرة العقلائية قاضية بنفي التخصيص الزائد كما أشرنا إليه. إِلاّ انه لا يتمّ إِلاّ في المخصص المنفصل الّذي يحفظ فيه أصل الظهور وتنثلم حجيته ، وامَّا إذا كان المخصص المذكور متصلاً وهادماً لأصل الظهور فلا بدَّ من تعين ما يهدم وما لا يهدم ولا معنى للهدم المشروط كالحجية المشروطة كما هو واضح.

٤ ـ أَنْ يقال بالتبعيض في الكشف والدلالة نفسها بدعوى انَّ كلاً من الدليلين له كشف عن مدلوله وهو ثبوت الحكم على أحد الفردين مطلقاً من حيث كذب الكاشف الاخر أو صدقه ، فتكون الحجة خصوص الكشف الثابت على تقدير كذب الاخر لا بأَنْ يكون كذب الاخر مأخوذاً في موضوع المنكشف بل في موضوع الكشف نفسه ، نظير ما إذا أخبر المعصوم بكذب إحدى الأمارتين حيث يكون لكل منهما كشفاً عن مدلوله على تقدير كذب الاخر من دون أَنْ يكون كذب مدلول الاخر مأخوذاً في موضوع مدلول الأول ، فيقال في المقام انَّ المخصص العقلي المذكور لا يقتضي أكثر من إثبات كذب إحدى الدلالتين والكشفين فيكون التقييد في الكاشفين ، أي يكون كل من الظهورين كاشفاً عن مدلوله وهو ثبوت حكم موضوعه ولكن كشفه المقيد بكذب الظهور الاخر هو الحجة ، وبما انه يعلم بحصول القيد في أحدهما على الأقل فتحرز فعلية أحد الكشفين على الأقل ولعلّه واقعاً كلاهما فعلي إِلاَّ انه لا يضر كما أشرنا ، باعتبار عدم العلم بذلك ومقتضى حجية الكشف المعلوم بالإجمال التنجيز (١).

__________________

(١) الظاهر أنَّ هذا النحو من التقييد في الكاشفية انما هو في الملازمات الثبوتية كما إذا أخبر عن أحد الضدين فيكشف عن صدقه على تقدير كذب الاخر وامّا الكواشف الفعلية كالكلام الكاشف عن المراد فلا يعقل هذا النحو من التقييد فيها لأنها امر جزئي وكاشفيّته فعلية فلا يعقل أَنْ تكون موقوفة على كذب الاخر ثبوتاً أو عدم كذبه بل هي كاشفة عن كذب ذاك بالفعل ، فلا تعليق ولا تعدد في الدلالة والكشف ، نعم يعقل توصيف هذه الدلالة والكشف بأنها توأمة مع كذب الدلالة والكاشف

۴۵۵۱