تصوري وليس وجوداً فلسفياً حقيقياً كما أشرنا إليه مراراً ، وَإِنْ أُريد بالحكم روح الحكم ومبادئه أَعني الملاك الّذي يكون حصوله معلولاً للموضوع وقيوده فلا دليل على وحدته سنخاً فلعلهما متباينان ولكنهما مع ذلك مطلوبان لزوميان للمولى.

الكلام الثاني : ويراد فيه التعويض عما افترض في الكلام السابق من الاحتياج إلى القرينة الخاصة على استفادة علّية الوصف للحكم ، والتعويض عن القاعدة الفلسفية ، فيقال باستفادة علّية الوصف من الظهور العرفي القاضي بان الأصل في القيود أَنْ تكون احترازية الّذي مرجعه إلى التطابق بين مقامي الإثبات والثبوت وان الوصف مأخوذ في موضوع الحكم ثبوتا كما هو مأخوذ إثباتا ولا يراد بالعلّية هنا أكثر من هذا المعنى وحينئذٍ يضم إلى ذلك مجموع ظهورين ، أحدهما ظهور الخطاب في كون الوصف بخصوصه علّة. وثانيهما ظهور المعلول في كونه طبيعي الحكم لا شخصه.

وبذلك تتم الدلالة على المفهوم ، لأنَّ ثبوت علّتين وموضوعين عرضيين للجعل الواحد مستحيل لعدم تحمل كل جعلٍ لأكثر من موضوع واحد ، وثبوت موضوعين كذلك لطبيعيّ الحكم بلحاظ حصتين منه خلاف الظهور الثاني ، وثبوت موضوع واحد وهو الجامع بين العلّتين لطبيعي الحكم خلاف الظهور الأول ، وهذا يعني انَّ أي حصة تفترض للحكم لا بدّ وأَنْ تكون علّته منحصرة في الوصف المأخوذ في الجملة وهو المطلوب.

ولنا على هذا الكلام ثلاث تعليقات :

إذ يرد عليه :

أولاً ـ انَّ الجمع بين إثبات العلّية للوصف بمقتضى ظهور القيد في الاحترازية وبين إثبات كون المترتب طبيعي الحكم لا شخصه متهافت ، لأنَّ الأول ظهور تصديقي غير مأخوذ في مرحلة المدلول التصوري للكلام أي اكتشاف كون المدلول التصديقي قد أخذ في موضوعه الوصف أيضاً ، ومن الواضح انَّ المدلول التصديقي يكون الحكم فيه جزئياً لأنه جعل واحد لا جعلين فلا معنى لإجراء الإطلاق فيه ، نعم لو كانت العلّية مستفادة بحسب المدلول التصوري للكلام أمكن أَنْ يقال مثلاً انَّ مدلول الأمر طبيعي النسبة الإرسالية بالنحو المناسب مع المعاني الحرفية ولكن الأمر ليس كذلك.

۴۵۵۱