الشرطية الإنشائية أمر يبدو صعباً جداً على مستوى النظرية ، إذ أيّ فرق بين أداة الشرط الداخلة على الجملة الخبرية أو الداخلة على الجملة الإنشائية بعد أَنْ كانت الأوضاع في الهيئات نوعية لا شخصية؟

وتحقيق حال هذه النقطة التي تعتبر أدق مراحل البحث عن مفهوم الشرط متفرع على استذكار المباني التي حققناها في بحث الوضع في التفرقة بين مفاد الجملة الخبرية والجملة الإنشائية وبين النسبة التامة والنسبة الناقصة ، ذلك انَّ هذا التهافت مبنيٌّ على تخيل انَّ مفاد الجملة الشرطية الخبرية إذا كان على وزان الجملة الشرطية الإنشائية من حيث الدلالة على الانتفاء عند الانتفاء وتعليق النسبة الواقعية بين المخبر والمخبر به على الشرط فلا بدَّ وأَنْ يكون المثال السابق على تقدير وجود المفهوم مكافئا مع قولنا ( موت زيد معلّق على شربه السم ) الدال بمقتضى إطلاقه على عدم موته إذا لم يشرب السم. في حين انّا حققنا في محله انَّ مفاد الجملة الخبرية ليس هو النسبة الواقعية الخارجية وانما النسبة الحكمية التصادقية التي لا موطن لها إلاّ في الذهن وهي نسبة هذا ذاك ، التي هي نسبة غير خارجية بل في الخارج لا توجد إلاّ وحدة وعينية بين هذا وذاك وامّا النسبة الخارجية فتأتي في الذهن بصورها التي لا تكون نسبةً حقيقة في الذهن بل تحليلة ومختزلة أي صورة نسبة ، وقد برهنا هناك انَّ جميع النسب الخارجية كالظرفية أو الابتدائية أو غيرهما ومما وضع بإزائها الحروف والهيئات الناقصة ، يكون ما بإزائها في الذهن نسبة ناقصة تحليلية وكل النسب التي موطنها في الذهن وتكون نشأتها فيه فهي نسب تامة. وتوضع بإزائها الجمل التامة ، وعلى هذا الأساس يتضح انَّ المعلَّق على الشرط في قولنا ( إذا شرب زيد السم سوف يموت ) ليس هو موت زيد المتضمن لنسبة خارجية ناقصة هي نسبة عروض الموت إلى زيد بل المعلّق هو النسبة التصادقية الذهنية بين الذات التي عرض عليها الموت وبين زيد التي هي مدلول الجملة التامة في الجزاء ، أي النسبة الحكمية الاخبارية فيكون المعلّق هو اخباره بالموت لا واقع الموت فيكون الناتج من دلالة الجملة على التعليق انتفاء النسبة الحكمية والاخبار عن موته عند انتفاء الشرط لا انتفاء موته الخارجي.

۴۵۵۱